ثم فى يوم الأربعاء ثامن عشره ركب السلطان من قلعة الجبل، ونزل إلى خليج الزّعفران فنزل به وأكل السماط، ثم ركب فى يومه وعاد إلى القلعة، فأصبح من الغد متوعك البدن ساقط الشهوة للغداء، ولزم الفراش، وهذا أوائل مرضه الذي مات منه؛ غير أنه تعافى بعض أيام، ثم مرض ثم تعافى حسبما يأتى ذكره.
وورد الخبر فيه بوقوع الوباء فى بلاد الصعيد؛ واستهلّ شعبان يوم الاثنين والسلطان مريض، فأخرج فيه مالا وفرّقه على الفقراء والمساكين. فلما كان يوم الثلاثاء تاسعه «١» تعافى السلطان وخلع على الأطباء لعافيته، وركب من الغد ونزل من القلعة إلى القرافة وتصدّق على أهل القرافتين، وعاد وهو غير صحيح البدن. ثم فى يوم السبت ثالث عشر شعبان المذكور، نزل السلطان من القلعة إلى خارج القاهرة، وعاد ودخل من باب النصر، ثم نزل بالجامع الحاكمى، وقد قيل له إنّ بالجامع المذكور دعامة قد ملئت ذهبا، ملأها الحاكم بأمر الله لمعنى أنه إذا خرب يعمّر بما فى تلك الدعامة، فلما بلغ [الملك]«٢» الأشرف ذلك شرهت نفسه لأخذ المال [المذكور]«٣» ، فقيل له إنك تحتاج إلى هدم جميع الدعائم التى بالجامع المذكور حتى تظفر بتلك الدعامة المذكورة، ثم لا بد لك من عمارتها، ويصرف على عمارتها «٤» جملة كثيرة لا تدخل تحت حصر، فقال السلطان ما معناه إن الذي نأخذه من الدعامة يصرف على عمارة ما نهدمه، ولا ينوبنا غير تعب السر؛ وركب فرسه وعاد إلى القلعة.
ثم فى يوم الخميس خامس عشرين شعبان [المذكور]«٥» برز الأمير قرقماس أمير سلاح، [وقد]«٦» صار مقدم العساكر، وصحبته من تقدم ذكره من الأمراء، إلى الريدانية [خارج القاهرة]«٧» من غير أن يرافقهم فى هذه التجريدة أحد من المماليك السلطانية، فأقاموا