ثم فى يوم الأربعاء ثالث عشرين [شهر]«١» رمضان [المذكور]«٢» ختمت قراءة البخارى بين يدى السلطان بقلعة الجبل، وقد حضر قضاة القضاة والعلماء والفقهاء على العادة؛ هذا وقد تخوف السلطان من الوباء فسأل من حضر من الفقهاء عن الذنوب التى ترتكبها الناس، هل يعاقبهم الله بالطاعون؟ فقال له بعض الجماعة: إن الزنا إذا فشا فى الناس ظهر فيهم الطاعون، وأن النساء يتزيّنّ ويمشين فى الطرقات ليلا ونهارا؛ فأشار آخر أن المصلحة منع النساء من المشى فى الأسواق، فنازعه آخر فقال: لا تمنع إلا المتبهرجات، وأما العجائز ومن ليس لها من يقوم بأمرها لا تمنع من تعاطى حاجتها. وتباحثوا فى ذلك بحثا كبيرا، إلى أن مال السلطان إلى منعهن من الخروج إلى الطرقات مطلقا، ظنّا من السلطان أن بمنعهن «٣» يرتفع الطاعون. ثم خلع السلطان على من له عادة بلبس الخلعة «٤» عند ختم البخارى «٥» .
ثم أمرهم باجتماعهم عنده من الغد، فاجتمعوا يوم الخميس واتفقوا على ما مال إليه السلطان، فنودى بالقاهرة ومصر وظواهرهما بمنع جميع النساء بأسرهن من الخروج من بيوتهن، وأن لا تمرّ امرأة فى شارع ولا فى سوق البتة، وتهدّد من خرجت من بيتها بالقتل وأنواع البهدلة، فامتنع جميع النساء من الخروج قاطبة، [فمنعن]«٦» فتياتهن وعجائزهن وإماءهن من الخروج إلى الطرقات. وأخذ والى القاهرة والحجّاب فى تتبع الطرقات وضرب من وجدوا من النساء، وتشددوا فى الردع والضرب والتهديد، فامتنعن بأجمعهن؛ فعند ذلك نزل بالأرامل أرباب الصنائع