وظنوا صدق المقالة وأن الموت أول ما بدأ بالخطيب. وبينما الناس فى ذلك قال رجل:
«الخطيب مات!» ، فارتجّ [الجامع]«١» وضجّ الناس «٢» وتباكوا، وقاموا إلى المنبر وكثر الزحام على الخطيب، حتى أفاق وقام على قدميه ونزل عن «٣» المنبر ودخل إلى المحراب، وصلّى من غير أن يجهر بالقراءة، وأوجز فى صلاته حتى أتم الركعتين. وقدمت عدة جنائز فصلى عليها «٤» الناس، وأمّهم بعضهم. وبينما الناس فى الصلاة على الموتى إذا الغوغاء «٥» صاحت بأن الجمعة ما صحّت، والخطيب صلى بعد أن انتقض وضوؤه»
لما غشى عليه؛ وتقدم رجل من الناس وأقام وصلى الظهر أربعا. وبعد فراغ هذا الذي صلى أربعا قام جماعة أخر وأمروا فأذّن المؤذنون بين يدى المنبر، وطلع رجل إلى المنبر وخطب خطبتين على العادة ونزل ليصلى، فمنعوه من التقدم إلى المحراب وأتوا بإمام الخمس فقدّموه حتى صلى بهم جمعة ثانية. فلما انقضت صلاته بالناس قام آخرون وصاحوا بأن هذه الجمعة الثانية لم تصح، وأقاموا الصلاة وصلى بهم رجل آخر الظهر أربع ركعات، فكان فى هذا اليوم بجامع الأزهر إقامة الخطبة مرتين وصلاة الظهر مرتين، فقمت أنا فى الحال وإذا بالناس تطيّر على السلطان بزواله من أجل إقامة خطبتين فى موضع [٣٧] واحد [فى يوم واحد]«٧» .
هذا ومرض السلطان فى زيادة ونمو، وكلما ترجّح قليلا خلع على الأطباء ودقّت البشائر، إلى أن عجز عن القيام فى «٨» العشر الثانى من شوال، هذا وقد كثر الموت بالمماليك السلطانية ثم بالدور السلطانية؛ «٩» ومات عدة من أولاد السلطان والحريم