وخيوله، وكانت صفته أشقر طوالا «١» نحيفا رشيقا منوّر الشيبة بهىّ الشكل، غير سبّاب ولا فحّاش فى لفظه، حسن الخلق لين الجانب حريصا على إقامة ناموس الملك، يميل إلى الخير، يحب سماع تلاوة القرآن العزيز حتى أنه رتب عدة أجواق تقرأ عنده فى ليالى المواكب «٢» بالقصر السلطانى دواما. وكان يكرم أرباب الصلاح ويجل مقامهم، وكان يكثر من الصوم صيفا وشتاء «٣» ؛ فإنه كان يصوم فى الغالب يوم الثالث عشر [من الشهر]«٤» والرابع عشر والخامس عشر، يديم على ذلك. وكان يصوم أيضا أول يوم فى الشهر وآخر يوم فيه «٥» ، مع المواظبة «٦» على صيام يومى الاثنين والخميس فى الجمعة، حتى أنه «٧» كان يتوجه فى أيام صومه إلى الصيد ويجلس على السماط «٨» وهو صائم ويطعم الأمراء والخاصكية بيده، ثم يغسل يديه بعد رفع السّماط كأنه واكل القوم. وكان لا يتعاطى المسكرات ولا يحب من يفعل ذلك من مماليكه وحواشيه. وكان يحب الاستكثار من المماليك حتى أنه زادت عدة مماليكه المشتروات على ألفى مملوك، لولا ما أفناهم طاعون سنة ثلاث وثلاثين ثم طاعون سنة إحدى وأربعين هذا، فمات فيهما من مماليكه خلائق. وكان يميل إلى جنس الجراكة على غيرهم فى الباطن، يظهر ذلك منه فى بعض الأحيان، وكان لا يحب أن يشهر عنه ذلك لئلا تنفر الخواطر منه؛ فإن ذلك مما يعاب به على الملوك. وكانت مماليكه أشبه الناس بمماليك [الملك]«٩» الظاهر برقوق فى كثرتهم، وأيضا فى تحصيل فنون الفروسية؛ ولو لم يكن من مماليكه إلا الأمير إينال