للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يوصيكم؛ قالوا: فملنا معه وإذا شخص ملقى تحت شجرة لا يحير جواباً، فجلسنا حوله فأحس بنا فرفع طرفه وهو لا يكاد يرفعه ضعفا، وأنشأ يقول:

يا غريب الدار عن وطنه ... مفرداً يبكي على شجنه

كلّما جدّ «١» البكاء؟؟؟ هـ ... دبت الأسقام في بدنه

ثم أغمي عليه طويلاً، ونحن جلوس حوله إذ أقبل طائر فوقع على أعلى الشجرة وجعل يغرد، ففتح عينيه فسمع تغريده ثم قال:

ولقد زاد الفؤاد شجاً ... طائر يبكي على فننه

شفه ما شفني فبكى ... كلنا يبكي على سكنه

ثم تنفس تنفساً فاضت نفسه منه، فلم نبرح من عنده حتى غسلناه وكفناه وتولينا الصلاة عليه. فلما فرغنا من دفنه سألنا الغلام عنه، فقال: هذا العباس بن الأحنف رحمه الله.

وذكر «٢» أبو علىّ الفالى في «كتاب الأمالي» : قال بشار بن برد: ما زال غلام من بني حنيفة (يعني العباس) يدخل نفسه فينا ويخرجها منا حتى قال:

أبكي الذين أذاقوني مودتهم ... حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا

واستنهضوني فلما قمت منتصباً ... بثقل ما حملوني منهم قعدوا

وقد خرجنا عن المقصود لطلب الفائدة، ونرجع الآن إلى ما نحن بصدده.