ثم يعود إلى منزله فى كل ثلاثة أيام مرة واحدة بعد عشاء الآخرة. وكان من شأنه إذا حاباه أحد من السّوقة فيما يشتريه من قوته، تركه وما حاباه به. فلما عرف منه ذلك ترك الباعة محاباته ووقفوا عندما يشير إليهم به. وكان فى كل شهر خادم الخانقاه يحمل إليه الثلاثين درهما «١» فلا يأخذها إلا عددا، لأن المعاملة بالفلوس وزنا «٢» حدثت بعد انقطاعه عن الناس، وكان لا يعرف إلا المعاددة «٣» ، وكان لا يقبل من أحد شيئا البتة.
وكان يغتسل بالماء البارد صيفا وشتاء فى بكرة نهار الجمعة، ويمضى إلى صلاة الجمعة من أول نهار الجمعة، ويأخذ فى الصلاة والقراءة. وكان يطيل قيامه فى الصلاة بمقدار أن يقرأ فى كل ركعة حزبين من غير أن يسمع له قراءة ولا تسبيح، وكان لا يرى نهارا إلا عند ذهابه يوم الجمعة إلى الجامع، وكان يعجز السلطان ومن دونه فى الاجتماع به؛ ويحكى عنه كرامات كثيرة، ذكرنا بعضها فى ترجمته فى المنهل الصافى، رحمه الله تعالى ونفعنا ببركته «٤» .