للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيك شىء يا فلان، فلم ينطق ذلك الرجل بكلمة وذهب خجلا لكثرة دعاويه، فقلت لبكتمر: هذا الذي أنت فيه من كثرة الإدمان، فقال: منذ «١» بلغت الحلم وأنا متزوج، غير أننى لا أهمل نفسى، فقلت له: هذه منح إلاهيّة. ولما مات أنعم [السلطان] «٢» بطبلخانته على الأمير قجقار جغتاى السيفى بكتمر جلّق، ومات بكتمر السعدى هذا وسنه نحو خمسين «٣» سنة تخمينا، وكان رومى الجنس رحمه الله تعالى.

وتوفى الأمير سيف الدين جانبك [بن عبد الله] «٤» الأشرفى الدوادار الثانى وعظيم دولة أستاذه الأشرف برسباى فى يوم الخميس سابع عشرين [شهر] «٥» ربيع الأول، وسنّه نحو خمسة وعشرين «٦» سنة تخمينا، ودفن بمدرسته التى أنشأها بخط القربيين خارج باب زويلة على الشارع، ثم نقل منها بعد مدة إلى تربة «٧» أستاذه بالصحراء، وحضر السلطان غسله ثم الصلاة عليه؛ وكان أشيع عنه أن نفسه تحدثه بالملك، فعاجلته المنية. وكان أصله من مماليك [الملك] «٨» الأشرف برسباى، اشتراه صغيرا فى أيام إمرته وقاسى «٩» معه خطوب الدهر أيام حبسه بقلعة المرقب وغيرها، ولما تسلطن [الملك] «١٠» الأشرف عرف له ذلك مع محبته له، فرقّاه وأنعم عليه بإمرة عشرة وجعله خازندارا، ثم أرسله بتقاليد الأمراء نواب الشأم: تنبك البجاسى وغيره، ثم أنعم عليه بعد حضوره بإمرة طبلخاناة، وخلغ عليه بالدوادارية الثانية عوضا عن [الأمير] «١١» قرقماس الشعبانى الناصرى بحكم انتقاله إلى إمرة مائة وتقدمة ألف، فعظم فى الدولة ونالته السعادة، حتى تزايد أمره وخرج عن الحد من كثرة إنعامه وإظهار الجميل والأخذ بالخواطر، حتى ركن إليه غالب أعيان الدولة من الخاصكيّة،