للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على السّلاخورى يبدل القاف بالهمزة كما هى عادة أو باش الناس «١» من العامة، وكان أحمد إذا تكلم أيضا يتلغّط بألفاظ العامة السوقة. وقد جالسته بالخدمة السلطانية كثيرا فلم أجد له معرفة بفن من الفنون ولا علم من العلوم، وكان إذا أخذ يتلاطف ويتذاوق يصحّف ويقول:

بتسرد شىّ؟ فأعرّفه- فيما بينى وبينه- بأنه يقول: تسرت، وأوضّح له [أنها] «٢» تصحيفة تشرب، فيفهمها بعد جهد كبير. ثم إذا طال الأمر ينساها ويقولها أيضا بالدال، وأظنه «٣» دام على ذلك إلى أن مات.

ومع هذا كان فى نفسه أمور، وله دعاوى بالعرفان والتّمعقل، لا سيما إذا تمثل بأمثال العامة السافلة، فيتعجب من ذلك الأتراك، ويثنى على ذوقه ومعرفته وغزير علمه وحسن تأديه فى الخطاب، وأولهم [السلطان الملك] «٤» الأشرف برسباى «٥» فإنه كان كثيرا ما يقتدى برأيه ويفاتحه فى الكلام، فيكلم أحمد فى أمور المملكة بكلام لا يعرف هو معناه، ويسكت من عداه من أرباب [الدولة و] «٦» المعرفة، فأذكر أنا عند ذلك قول أبى العلاء المعرى حيث قال: [الطويل]

فوا عجبا كم يدّعى الفضل ناقص «٧» ... ووا أسفا كم يدّعى النّقص فاضل «٨»

وتوفى الشيخ الإمام العالم المفنن مجد الدين إسماعيل بن أبى الحسن على بن عبد الله البرماوى الشافعى، فى يوم الأحد خامس عشر [شهر] «٩» ربيع الآخر، عن أربع وثمانين سنة. وكان إماما فى الفقه والعربية والأصول وعدة فنون، وتصدى للإقراء والتدريس عدة سنين.