للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك الممالك التى كانت كرسى الإسلام ومنبع العلوم، أعنى بنى قرا يوسف.

وتوفى القاضى شهاب الدين أحمد ابن القاضى صلاح الدين صالح بن أحمد بن عمر المعروف [٦١] بابن السّفّاح الحلبى الشافعى، كاتب سر حلب ثم كاتب سر مصر وبها مات، فى ليلة الأربعاء رابع عشر [شهر] «١» رمضان عن ثلاث وستين سنة، بعد أن باشر فيها كتابة «٢» سر حلب سنين عديدة بعد أخيه وأبيه «٣» ، وصار لشهاب الدين هذا رئاسة بحلب وتمكّن، فلما ولى كتابة سر مصر ابتلعه المنصب ولم يظهر لمباشرته نتيجة، وانحطّ قدره فى الدولة بحيث أن المصريين صاروا يسخرون منه، لأنه كان يكلم نفسه فى حال ركوبه بين الناس فى الشوارع وفى جلوسه أيضا بين الملأ بكلام كثير، ويغضب بعض الأحيان من نفسه ويشير بالضرب بيده وبلسانه من غير أن يفهم أحد كلامه، وكان يقع ذلك منه حتى فى الصلاة، ومع هذا كان فيه بعيض حدة ونزاقة، مع «٤» دين وعفة وصيانة «٥» ، مع أنه كانت بضاعته من العلوم مزجاة، وخطه فى غاية القبح، و «٦» يظهر من كلامه عدم ممارسته للعلوم «٧» .

ووقع بينه وبين قاضى القضاة عز الدين عبد العزيز بن العز البغدادى الحنبلى مفاوضة فى بعض «٨» مجالس السلطان لمعنى من المعانى، فكان من جملة كلام ابن السّفّاح «٩» هذا، أن قال: ريّع الوقف- وشدّد الياء- فقال عز الدين المذكور: اسكت يا مرماد «١٠» ، فضحك السلطان ومن حضر، وانتصف عليه الحنبلى. فلما نزلا من القلعة، سألت من عز الدين عن قوله مرماد، فقال: الأتراك كثيرا ما يلعبون