عنه الجميع ومالوا إلى الأمير طرباى وبرسباى حسبما ذكرنا ذلك كله مفصلا مشبعا «١» ؛ ولا زالوا فى التدبير عليه حتى خذلوه فى يوم عيد النحر، بعد ما لبس آلة الحرب هو والأمير يشبك الجكمى الأمير آخور، وأنزلوه من باب السلسلة بإرادته راكبا وعليه آلة الحرب إلى بيت الأمير بيبغا المظفّرى، فحال دخوله إلى البيت قبض عليه وقيّد وحمل إلى القلعة، ثم إلى ثغر الإسكندرية، [بعد أن كان ملك مصر فى قبضته، وأمسك معه يشبك الجكمى أيضا وحبس بثغر الإسكندرية]«٢» ، كل ذلك فى أواخر ذى الحجة من سنة أربع وعشرين.
ودام جانبك فى سجن الإسكندرية مكرما مبجلا، إلى أن حسّن له شيطانه الفرار منه فأوسع الحيلة فى ذلك، حتى فر من سجنه «٣» فى سنة سبع وعشرين وثمانمائة، فعند ذلك حلّ به وبالناس بلاء الله المنزل المتداول سنين عديدة، ذهب فيها أرزاق جماعة، وحبس فيها جماعة كثيرة من أعيان الملوك وضرب فيها جماعة من أعيان الناس وأماثلهم بالمقارع، وجماعة كثيرة من الخاصكية أيضا ضربوا بالمقارع [والكسّارات]«٤» ، وأما ما قاساه الناس من كبس البيوت ونهب أقمشتهم «٥» وما دخل عليهم من الخوف والرجيف فكثير إلى الغاية، ودام ذلك نحو العشر سنين، فهذا ما حل بالناس لأجل هروبه.
وأمّا ما وقع له فأضعاف ذلك، فإنه صار ينتقل من بيت إلى بيت والفحص مستمر عليه فى كل يوم وساعة، حتى ضافت عليه الدنيا بأسرها وأراد أن يسلم نفسه غير مرة، وقاسى أهوالا كثيرة إلى أن خرج من مصر إلى البلاد الشامية وتوصل إلى بلاد الروم حسبما حكيناه، وانضم عليه جماعة من التركمان الأمراء وغيرهم، وقاموا