عن عتقه لتنال جقمق السعادة بأن يكون من جملة مشتروات [الملك]«١» الظاهر، وكان كذلك. وهذا القول هو الأقوى [و]«٢» المتواتر بين الناس ولما يأتى بيانه.
ومن الناس من قال إنه كان فى الرق وقدّمه أمير على إلى الملك الظاهر لما طلبه منه، ولو كان حرّا يوم ذاك لاعتذر بعتقه، وهذا أيضا مقبول، [٩١] غير أن الذي يقوّى القول الأول يحتج بأن الملك الظاهر [جقمق]«٣» هذا لما كان أمير طبلخاناة وخازندارا فى الدولة المؤيدية [شيخ]«٤» ، أخذ الشهابى أحمد بن أمير على بن إينال اليوسفى وهو صغير، ووقف به إلى السلطان الملك المؤيد، وسأل السلطان فيه ليكون من جملة المماليك السلطانية، فسأل المؤيد عن أحمد المذكور فقال جقمق:
ياخوند، هذا ابن أستاذى أمير على، فقال المؤيد: ومن أين يكون هذا ابن أستاذك؟
[الملك]«٥» الظاهر أعتقك بحضرتنا الجميع، وأخرج لك خيلا على العادة. فقال جقمق:
نعم هو كما قال السلطان، غير أن أمير على كان أعتقنى قبل ذلك، وسكت عن عتقى لما طلبنى [الملك]«٦» الظاهر منه، فغضب الملك المؤيد من ذلك ووبخه، كونه أنكر عتاقة [الملك]«٧» الظاهر له واعترف بعتاقة أمير على؛ ولم ينزل لذلك أحمد المذكور فى جملة المماليك السلطانية، فأخذه جقمق عنده وتولى تربيته.
قلت: وعندى اعتراض آخر، وهو أنه يمكن أن الملك الظاهر كان هو الذي أعتقه، وإنما أراد [الملك]«٨» الظاهر جقمق بقوله إن أمير على أعتقه، ليعظم الأمر على الملك المؤيد، لينزل أحمد المذكور فى جملة المماليك السلطانية، لكثرة حنوه على أحمد المذكور، ولم يدر أن [الملك]«٩» المؤيد يغضبه ذلك، فإنه يقال فى الأمثال:«صاحب الحاجة أعمى لا يريد إلا قضاءها» .