عند ذلك السلطان على قتله، واستفتوا العلماء فى ذلك فكتب بعضهم على قدر ما أنهى له فى الفتوى، وامتنع البعض. ثم اشتهر بالقاهرة أنه إذا فرغ شهر رمضان يفعل بالعزيز ما هو القصد، وتكلم الناس بذلك. واتفق فرار العزيز، إما لما بلغه هذا الخبر أو لمعنى آخر، وأكثر قول الناس أنه لم يفر إلا لما خامر قلبه من الخوف، والله أعلم.
ثم لما بلغ إينال الأشرفى خبر العزيز وتسحبه، واستدعته خجداشيّته بالقيام فى نصرة ابن أستاذه فلم يوافق، وخاف إن طلع القلعة من الغد يمسك، اختفى. فلما أصبح النهار وبلغ السلطان والناس فرار العزيز وتسحّب إينال، لم يشك الناس فى أن إينال أخذ العزيز ومضى إلى إينال الجكمى، ثم اختلفت الاقوال، فعند ذلك علموا المؤيدية أنهم أشرفوا على الهلاك، وأنهم ركبوا الأخطار فيما فعلوه فى أمر [الملك]«١» العزيز، فحينئذ جدوا فى الفحص عن أمره، لبقاء مهجتهم لا لنصرة الملك الظاهر جقمق، وصار الملك الظاهر يأخذ النار بيد غيره، وهو فيما هو فيه من تجهيز العساكر لقتال الجكمى وتغرى برمش.
ثم فى يوم الثلاثاء ثامن شوال أنعم السلطان بإقطاع الأمير قراجا الأشرفى على ولده المقام الناصرى محمد، وصار محمد [المذكور]«٢» من جملة أمراء الألوف، وأجلس تحت الأمير جرباش الكريمى أمير مجلس، وهذا بخلاف العادة، فإن العادة جرت من دولة [الملك]«٣» الظاهر برقوق إلى يومنا هذا، أن ابن السلطان لا يجلس إلا رأس الميسرة فوق أمير سلاح، فكلمه الأمراء فى ذلك فلم يرض، وما فعل «٤»[الملك]«٥» الظاهر هذا الأمر وأمثاله إلا لعدم ثبات ملكه ولاضطراب دولته، بسبب خروج النواب عن الطاعة، وأيضا تسحّب العزيز- انتهى.