للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قانى باى البهلوان إلى قلعة دمشق فى جماعة كبيرة من الأمراء، وتوجه غيرهم إلى عدة أماكن. وكان سبب مخالفة قانى باى وغيره لإينال الجكمى بعد موافقتهم له، أن السلطان أرسل ملطّفات إنى قانى باى المذكور وغيره من أمراء دمشق يستميلهم إليه، ووعدهم بأشياء كثيرة، فلما سمعوا ذلك مالوا إليه وتركوا ما كان بينهم وبين إينال الجكمى من العهود والمواثيق، ولم يستعيبوا ذلك لكون [أن] «١» هذا الغدر صار عادة لمن تقدمهم.

ولما كتب السلطان الملطّفات المذكورة، أرسلها [١١٠] إلى الأمير خشكلدى السيفى يشبك بن أزدمر، وهو يوم ذاك نائب قلعه صفد، فبعث بها خشكلدى المذكور على يد نصرانى إلى بهاء الدين محمد بن حجى كاتب سر دمشق، ففرّقها بهاء الدين على أربابها، فحال ما وقفوا عليها مالوا بأجمعهم إلا «٢» من ذكرناه ممن ثبت مع إينال، وقالوا: نحن وافقناه، فلا «٣» نبرح عنه إلى الممات أو يقضى الله أمرا كان مفعولا. وكان أكثر من وعد من أمراء دمشق الأمير سودون أخو مامش المؤيدى، والأمير تنم العلائى المؤيدى من خجداشيهما المؤيدية، فلم يلتفتوا إلى كتبهم واستقبحوا الغدر والخيانة، فلله درّهما.

وأنا أقول: أما طاعة السلطان فهى واجبة على كل أحد، والعصيان ومخالفة السلطان لا يجوز ولا يستحسن، لكن أيضا يقبح بالرجل أن يدخل إلى ملك ويحسّن له العصيان والثّوران، ولا يزال به حتى يقع فى ذلك، بعد أن يعطيه العهود والمواثيق على موافقته «٤» والقيام بنصرته، ثم يتركه بعد تورطه ودخوله فى ذلك، لأجل النّزر اليسير من حطام الدنيا «٥» أو لتناوله ولاية من الولايات؛ وعندى أن هذا لا يقع