للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيده من المال إنما هو من [جملة] «١» ذخائر الصفوى جوهر القنقبائى الخازندار، وقد بقيت عند أبى العباس بعد موت جوهر، ولا زال أبو الخير يجتهد فى ذلك، إلى أن توصل إلى السلطان، وأنهى فى حق أبى العباس ما تقدم ذكره، وعليه محاققة ذلك وإظهار الحق فى جهته؛ فلما سمع السلطان كلامه مال إليه وقال له: قد وكلتك فى طلب الحق من أبى العباس.

[١٣٦] فنزل أبو الخير فى الحال من بين يدى السلطان، وقد صار مطالبا بعد ما كان مطلوبا، وادعى على أبى العباس المذكور بدعاو كثيرة، يطول الشرح فى ذكرها؛ وخدمه السعد فى إظهار بعض موجود جوهر من عند أبى العباس المذكور، فحسن ذلك ببال السلطان، ونبل أبو الخير فى عين السلطان، ووكله بعد مدة فى جميع أموره؛ كل ذلك فى سنة ست وأربعين وثمانمائة، وتردد [أبو الخير] «٢» النحاس إلى السلطان، وحسن حاله من لبس القماش النظيف وركوب الحمار، واكتسى كسوة جيدة، كل ذلك وأبو الخير يلح فى طلب المال من أبى العباس، ثم التفت إلى غير ذلك مما يعود نفعه على السلطان، وبقى بسبب ذلك يكثر الطلوع إلى القلعة، وصار يتقرب إلى السلطان بهذه الأنواع؛ فمشى أمره وظهر عند العامة اسمه «٣» ؛ واستمر على ذلك إلى سنة ثمان وأربعين، فركب فرسا من غير لبس خفّ ولا مهماز، وصار يطلع إلى القلعة فى كل يوم مرة بعد نزول أرباب الدولة من الخدمة، ويتقاضى أشغال السلطنة.

كل ذلك وأعيان الدولة لا تلتفت إليه، ولا يعاكسه أحد فيما يرومه، لعدم اكتراثهم به وإهمالهم أمره، لوضاعته لا لجلالته؛ فاستفحل أمره بهذه الفعلة، وطالت يده فى الدولة، فأول ما بدأ به أخذ فى معارضة السفطى، وساعده فى ذلك سوء سيرة السفطى وملل السلطان منه، فولىّ عنه وكالة بيت المال، ثم أخذ أمره يتزايد بعد