وحرّض القضاة على مجازاته؛ فنزلوا من عند السلطان على أن يفعلوا معه الشرع، وبلغ السفطىّ ذلك فخاف وأخذ فى السعى فى رضى السلطان؛ وخدم بجملة مستكثرة، ورضى السلطان عنه، ثم تغير عليه، وأخذ منه فى يوم الثلاثاء ثانى عشر شهر ربيع الآخر عشرة آلاف دينار، كانت له وديعة عند بعض القضاة، فأخذها السلطان، وهو مطالب بغيرها.
ثم فى يوم الخميس رابع عشره، أفحش السلطان فى الحطّ على السفطى، وبالغ فى ذلك، بحيث أنه قال:«هذا ليس له دين، وهذا استحق القتل بما وقع منه من الأيمان الفاجرة، بأن ليس له مال ثم ظهر له هذه الجمل الكثيرة، وقد بلغنى أن له عند شخص آخر، وديعة مبلغ سبعة وعشرين ألف دينار» ؛ وظهر من كلام السلطان أنه يريد أخذها، بل وأخذ روحه أيضا، كل ذلك مما يوغّر أبو الخير النحاس خاطر السلطان عليه، وبلغ السفطىّ [١٤٢] جميع ما قاله السلطان، فداخله لذلك من الرعب والخوف أمر عظيم «١» ؛ ومع ذلك بلغنى أن السفطىّ فى تلك الليلة تزوج بكرا ودخل بها واستبكرها، فهذا دليل على عدم مروءته «٢» ، زيادة على ما كان عليه من البخل والطمع، فإنى لم أعلم أنه وقع لقاض من قضاة مصر ما وقع للسفطى من البهدلة والإخراق وأخذ ماله، مع علمى بما وقع للهروى وغيره، ومع هذا لم يحصل على أحد ما حصل على هذا المسكين، فما هذا الزواج فى هذا الوقت! «٣»
ثم فى يوم الثلاثاء سادس عشرين [شهر]«٤» ربيع الآخر [المذكور]«٥» ، رسم بنفى يرعلى العجمى الخراسانى المعزول عن الحسبة، ثم شفع فيه المقرّ الجمالى ناظر الخواصّ، فرسم له السلطان بلزوم داره بخانقاه سرياقوس؛ ويرعلى هذا أيضا من أعدآء النحاس.