مغفّلى «١» الأتراك، وساق الحكاية فى ذلك الملأ من الناس من أولها إلى آخرها، وأبو الخير ينقله من ذلك [الكلام]«٢» إلى كلام غيره، ويقصد كفّه عن الكلام، بكل ما تصل قدرته إليه، وهو لا يرجع عما هو فيه، إلى أن استتم الحكاية؛ وكان من جملة اعتذاره إليه، أن قال له، ما معناه:«والله يا سيدى القاضى، أنا رأيتك شاب فقير، من جملة الباعة، وحرّضونى «٣» عليك، بأنك تأكل أموال الناس، فما كنت أعرف أنك تصل إلى هذا الموصل، فى هذه المدة اليسيرة؛ وو الله [لو كنت]«٤» أعرف أنك تبقى رئيس، لكنت وزنت [١٤٣] عنك المال» . وشرع فى اعتذار آخر، وقد ملأ النحاس مما سمع من التوبيخ، فاستدرك فارطه بأن قام على قدميه واعتنق السودونى، وأظهر له أنه زال ما عنده وأوهم أنه يريد الدخول إلى حريمه حتى مضى عنه إلى حال سبيله؛ وتحاكى الناس ذلك المجلس أياما كثيرة «٥» . هذا ما بلغنا من بعض أصحاب النحاس، وقد حكى غير واحد هذه الحكاية على عدة وجوه، وليس هذا الأمر من أخبار تحرر، وما ذكرناه إلا على سبيل الاستطراد- انتهى.
وفى هذه الأيام توقف ماء النيل عن الزيادة، بل تناقص نقصا فاحشا، ثم أخذ فى زيادة ما نقصه، فاضطرب الناس لذلك، وتزايدت الأسعار إلى أن أبيع الإردب القمح بأربعمائة درهم «٦» .