ثم فى يوم الخميس سادس عشره، وصل إلى القاهرة الأمير خشقدم المؤيدى من دمشق، وقبّل الأرض وأنعم عليه السلطان بإمرة مائة وتقدمة ألف، عوضا عن تنبك البردبكى الحاجب، بحكم نفيه إلى دمياط. وفى هذا اليوم كان مهمّ الأمير أزبك وعرسه على بنت السلطان بالقاهرة، فى بيت خالها القاضى كمال الدين بن البارزى، ولم يعمل بالقلعة.
ثم فى يوم الاثنين حادى عشرين شهر ربيع الأول، المذكور، استقر خشقدم عوضا عن تنبك المقدم ذكره فى حجوبية الحجاب.
ثم فى يوم الخميس ثانى شهر ربيع الآخر، أنعم السلطان على تمراز الأشرفى الزّردكاش كان، بإقطاع على باى الساقى الأشرفى، بحكم وفاته، قلت: بئس البديل، وإن كان كل منهما أشرفيّا «١» ، فالفرق بينهما ظاهر.
وفى هذه الأيام عظم أمر النحاس، حتى أنه ضاهى المقرّ الصاحبىّ ناظر الخواص، فى نفوذ الكلمة فى الدولة، لأمور صدرت بينهما يطول الشرح فى ذكرها، وليس لذلك فائدة ولا نتيجة؛ وملخص ذلك أن أبا الخير عظم فى الدولة، حتى هابه كلّ أحد من عظماء الدولة إلا المقر الجمالى، فأخذ أبو الخير يدبر عليه فى الباطن، ويوغر خاطر السلطان عليه، بأمور شتى، ولم ينهض أن يحوّل السلطان عنه بسرعة، لثبات قدمه فى المملكة، ولعظمه فى النفوس، كلّ ذلك والمقرّ الجمالى لا يتكلم فى حقه عند السلطان بكلمة واحدة، ولا يلتفت إلى ما هو فيه، وأبو الخير فى عمل جد مع السلطان فى أمر الجمالى المذكور، بكلتا يديه. وبينما هو فى ذلك، أخذه الله من حيث لا يحتسب، حسبما يأتى ذكره مفصلا إن شاء الله تعالى.
ومن غريب الاتفاق، أنه دخل عليه «٢» قبل محنة أبى الخير النحاس «٣» بمدة يسيرة،