وأما تمراز فإنه لما سافر من بندر جدّة إلى جهة بلاد الهند، صار كلما أتى إلى بلد ليقيم به، تستغيث تجار تلك البلد بحاكمها، ويقولون:«أموالنا بجدّة، ومتى ما علم صاحب جدة أنه عندنا، أخذ جميع مالنا، بسبب دخول تمراز هذا عندنا؛ فإنه قد أخذ مال السلطان وفرّ من جدة» ، فيطرده حاكم تلك البلد. ووقع له ذلك بعدة بلاد، وتحيّر فى أمره، وبلغ مسيره على ظهر البحر ستة أشهر، فعند ما عاين الهلاك، أرمى بنفسه بجميع ما معه فى مركبه، إلى مدينة كالكوت، وحاكم كالكوت سامرىّ، وجميع أهل البلد سمرة، وبها تجار غير سمرة، وأكثرهم من المسلمين، فثار «١» التجار، واستغاثوا بالسامرىّ، وقالوا له مثل مقالة غيرهم «٢» ، كل ذلك مراعاة لجهة جانبك نائب جدّة.
وكنت أستبعد أنا ذلك، إلى أن أوقفنى مرة الأمير جانبك المذكور، على عدة مطالعات، وردت عليه من السامرى المذكور، وكلّ كتاب منهم، يشتمل على نظم ونثر وكلام فحل فائق، لا أدرى ذلك لفضيلة السامرى أو من كتّابه، وفى ضمن بعض الكتب الواردة صفة قائمة مكتوب «٣» فيها [عدة]«٤» الهدية التى أرسلها صحبة الكتاب المذكور، والقائمة خوصة، لعلها من ورق شجر جوز الهند، طول شبر ونصف، فى عرض إبهام، مكتوب عليها بالقلم الهندى خط «٥» باصطلاحهم، لا يعرف يقرأه إلا أبناء جنسهم، فى عاية الحسن والظرف- انتهى.
ولما تكلم التجار المسلمون وغيرهم مع السامرى «٦» فى أمر تمراز، أراد السامرى مسك تمراز، فأحس تمراز بذلك، فأرسل إلى السامرى هدية هائلة، فأعاد عليه السامرى الجواب ب:«إن التجار يقولون إن معك مال السلطان» ، فقال تمراز: «نعم،