تقدم ذكر ما وقع له مع أعوان أخيه المأمون من الحروب إلى أن حاصره طاهر بن الحسين ببغداد نحو خمسة عشر شهراً حتى ظفر به وقتله صبراً في المحرم من هذه السنة، وطيف برأسه. وقتل الأمين وله عشرون «١» سنة. وكان أخوه المأمون أسن منه بشهر واحد. وكان الأمين من أحسن الشباب صورة: كان أبيض طويلاً جميلاً ذا قوة مفرطة وبطش وشجاعة معروفة وفصاحة وأدب وفضيلة وبلاغة، لكنه كان سيىء التدبير ضعيف الرأى أرعن مبدّرا للاموال لا يصلح للخلافة؛ وكان مدمناً للخمر، منادماً للفساق والمغاني والمساخر، واشترى عريب «٢» المغنية بمائة ألف دينار، واحتجب عن إخوانه وأهل بيته؛ وقسّم الأموال والجواهر في النساء والخصيان.
ومحبته لخادمه كوثر مشهورة، منها: أنه لما كان في الحصار خرج كوثر المذكور ليرى الحرب فأصابته رجمة في وجهه فجلس يبكي، وجعل الأمين هذا يمسح الدم «٣» عن وجهه، ثم أنشد: