للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمنعه يشرط على السلطان شروطا، يعلم هو وكلّ أحد أنها لا تتم له، وإنما يقصد بذكرها إلا نوعا من الإجابة، لكونه كان امتنع أولا، فلا يمكنه القبول إلا بهذه الدورة، فلم يكن بمجرد ذكره للشروط، إلا وقد صار فى الحال قاضيا؛ ووقع ذلك لجماعة كثيرة فى عصرنا.

وقسم آخر: [هم] «١» الذين يسعون فى الولاية سعيا زائدا، ويبذلون الأموال، ويتضرعون لأرباب الدولة، ويخضعون لهم، وهيهات! هل يسمح لهم بذلك أم لا! فلله درّ الشيخ عبادة فيما فعل، لأننا شاهدنا منه ما سمعناه عن السلف، ورأينا من زهده وعفته ما ورثه عنه الخلف. واستمر بعد ذلك سنين على حاله من ملازمة العلم والعمل، إلى أن مات رحمه الله تعالى «٢» .

وتوفى قاضى القضاة عزّ الدين عبد العزيز «٣» بن العز البغدادى الحنبلى، قاضى قضاة الحنابلة بالديار المصرية، ثم بدمشق، [و] «٤» بها مات فى أواخر هذه السنة؛ وتولى عوضه قضاء دمشق ابن مفلح [على عادته] «٥» أولا، وكان القاضى عزّ الدين فقيها دينا متقشفا، عديم التكلف فى ملبسه ومركبه، مع دهاء ومكر ومعرفة تامة، وقد مرّ من ذكره، أنه لما ولى القضاء بالديار المصرية، صار يمشى فى الأسواق لحاجته ويردف عبده على بغلته، وأشياء من هذا النسق. وكانت «٦» جميع ولاياته من غير سعى، وكان يصحب الوالد، واستمرت الصحبة بيننا إلى أن مات رحمه الله.

وتوفى جمال الدين عبد الله [بن الحسن بن على بن محمد بن عبد الرحمن الدمشقى