للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إقطاع الأتابك آقبغا التّمرازى، وصار بيننا وبينه مستحقّ أيتام آقبغا فى الإقطاع المذكور، فإذا به لا يحلل ولا يحرم، وعنده من الطمع وقلة الدين ما يقبح ذكره عن كائن من كان، هذا مع حدة زائدة وشراسة خلق وظلم زائد على حواشيه وخدمه، حتى أنه كان يضرب الواحد منهم نحو ألف عصاة على الذنب اليسير، ولم يكن له مهابة فى النفوس، لكونه كان من مماليك سودون الجلب، وأيضا من قرب عهده بالفقر، وخدم الأمراء، مع من كان عاصره من أكابر الأمراء الظاهرية البرقوقية ممن كان أكبر من أستاذه سودون الجلب، وأعظم فى النفوس- انتهى.

وتوفى الأمير سيف الدين قانى باى الجكمى حاجب حجاب حلب، على هيئة نسأل الله تعالى حسن الخاتمة، فى أواخر هذه السنة وكان من خبر موته أنه سكر ونام فى أيام الشتاء، وقد أوقد النار بين يديه على عادة الحلبيين وغيرهم فعظم الدخان عليه وعلى مملوكه فى البيت، وصارا من غلبة السكر لا يهتدى كل واحد «١» منهما إلى الخروج من باب الدار، من عظم الدخان وشدة السكر، فماتا على تلك الحالة؛ وكتب بذلك محضر وأرسل إلى السلطان [لئلا يتوهم خلافه] «٢» .

وكان أصل قانى باى هذا من مماليك الأمير جكم من عوض نائب حلب، ثم صار بعد موت الملك المؤيّد شيخ خاصكيّا، ودام على ذلك دهرا طويلا لا يلتفت إليه، إلى أن خلع عليه الملك الظاهر جقمق، باستقراره فى حجوبية حجاب حلب دفعة واحدة من الجندية؛ وعيب ذلك على الملك [١٨٧] الظاهر لكون قانى باى المذكور لم يكن من أعيان الخاصكيّة، ولا من المشاهير بالشجاعة والإقدام، ولا من العلماء «٣» ولا من العقلاء العارفين بفنون الفروسية، بل كان مهملا مسرفا على نفسه عاريا من كل علم وفن، ولم يدر «٤» أحد لأى معنى كان قدّمه الملك الظاهر جقمق، فرحمه الله تعالى وسامحه على