وولاه أتابكية حلب، فدام على ذلك سنين، إلى أن نقله الملك الأشرف إلى أتابكية دمشق، بعد موت تغرى بردى المحمودى بآمد فى سنة ست وثلاثين وثمانمائة.
والعجب أنه لما صار أتابك حلب، كان يوم ذاك، حاجب حجابها أستاذه بردبك العجمى؛ ثم لما صار أتابك دمشق، كان يوم ذاك أستادّار السلطان بدمشق، أستاذه أرغون شاه النّوروزى الأعور، فانظر إلى حركات هذا الدهر وتقلباته!
واستمر قانى باى فى أتابكية دمشق، إلى أن خرج الأتابك إينال الجكمى نائب الشام عن طاعة الملك الظاهر جقمق، فوافقه قانى باى هذا، بل وحرّضه على «١» الخروج عن الطاعة ليصل بذلك لأغراضه، فلم تكن موافقته إلا مدة يسيرة، وأرسل إليه الملك الظاهر جقمق من مصر، يعده بأشياء إن ترك موافقة الجكمى وعاد إلى طاعته، ففى الحال عاد إلى طاعة السلطان وخذل إينال الجكمى، بعد أن كان هو أكبر الأسباب فى خروجه، فنقله السلطان إلى نيابة صفد، بعد عزل إينال العلائى الناصرى عنها، وقدومه إلى مصر أمير مائة [و]«٢» مقدم ألف بها، ثم نقله إلى نيابة حماة، بعد عزل أستاذه بردبك العجمى عنها، ثم نقل إلى نيابة حلب بعد عزل الأمير قانى باى الحمزاوى عنها، وقدومه إلى القاهرة أمير مائة ومقدم ألف بها، على إقطاع شاد بك الجكمى «٣» ، بحكم استقرار شاد بك فى نيابة حماة، عوضا عن قانى باى المذكور. واستقر قانى باى فى نيابة حلب، إلى أن مات، وهو فى عشر الستين. وكان مليح الشكل متوسط السيرة، مسرفا على نفسه، لم يشهر بشجاعة ولا معرفة بفن من الفنون، وكان يلقب بالبهلوان «٤» على سبيل المجاز لا على الحقيقة، رحمه الله تعالى «٥» .