للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ولى نظر البيمارستان المنصورى «١» ، وتدريس قبة الإمام الشافعى رضى الله عنه. ولما انتهى أمره، تولى قضاء الشافعية بالديار المصرية. بعد عزل قاضى القضاة شهاب الدين أحمد «٢» بن حجر فى يوم الخميس رابع ذى القعدة من سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، فأساء السيرة فى ولايته، لا سيما على الفقهاء ومباشرى الأوقاف، فإنه زاد وأمعن فى أذاهم وبهدلتهم بالضرب والحبس والتراسيم، وقطع معاليم «٣» جماعة كبيرة من الطلبة المرتبة على الأوقاف الجارية تحت نظره.

ولقى الناس منه شدائد كثيرة، وصار لا يمكن المرضى من دخول البيمارستان للتمرّض به، إلا برسالة، ثم يخرج المريض بعد أيام قليلة. وأظهر فى أيام عزه وولايته من شراسة الخلق وحدة المزاج والبطش وبذاءات اللسان أمورا يستقبح ذكرها، هذا مع التعبد والاجتهاد فى العبادة ليلا ونهارا، من تلاوة القرآن، وقيام الليل والتعفف عن المنكرات والفروج، حتى أنه كان فى شهر رمضان، يحتم القرآن الكريم كل ليلة فى ركعتين، وأما سجوده وتضرعه فكان إليه المنتهى. وكانت له أوراد هائلة دواما، فكان بمجرد فراغه من ورده يعود إلى تسليطه على خلق الله وعباده، [و] «٤» لا زال على ذلك حتى نفرت القلوب منه، وكثر الدّعاء عليه، حتى لقد شاهدت بعض الناس يدعو عليه فى الملتزم بالبيت العتيق فى هدوء «٥» الليل.

فلما زاد ذلك منه، سلّط الله عليه أقلّ خلقه، أبا الخير النحاس، مع توغر «٦»