النبوة وتبعه خلق وآمنوا بنبوته وارتدوا عن الإسلام، فأهلكه الله بالطاعون بعد أمور رقعت منه. وفيها خرج عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علىّ ابن أبي طالب ببلاد عك من اليمن يدعو إلى الرضى من آل محمد صلى الله عليه وسلم، وكان خروجه من سوء سيرة عامل اليمن، فبايعه خلق؛ فوجه إليه المأمون لحربه دينار ابن عبد الله وكتب معه بأمانه؛ فحج دينار ثم سار إلى اليمن حتى قرب من عبد الرحمن المذكور، وبعث إليه بأمانه فقبله وعاد مع دينار إلى المأمون. وفيها خلع طاهر ابن الحسين المأمون من الخلافة باكر النهار من يوم الجمعة وقطع الدعاء له، فدعا الخطيب:«اللهم أصلح أمة محمد بما أصلحت به أولياءك، واكفها مؤونة من بغى عليها» ولم يزد على ذلك، ثم طرح طاهر لبس السواد فعرض له عارض فمات من ليلته فأتى الخبر بخلعه على المأمون أول النهار من النصحاء له، ووافى الخبر بموته ليلاً وكفى الله المأمون مؤونته. وقام بعده على خراسان ابنه طلحة فأقره المأمون مكان والده طاهر المذكور؛ وكان ذلك قبل تولية ابنه عبد الله بن طاهر مصر بمدة طويلة.
وطاهر هذا هو الذي كان قام ببيعة المأمون وحاصر الأمين ببغداد تلك المدة الطويلة حتى ظفر به وقتله. وكان طاهر المذكور أعور، وكان يلقب بذي اليمينين؛ فقال فيه بعض الشعراء:
يا ذا اليمينين وعين واحدة ... نقصان عين ويمين زائدة
وكان في نفس المأمون منه شيء لكونه قتل أخاه الأمين محمداً بغير «١» مشورته لما ظفر به بعد حصار بغداد، ولم يرسله إلى أخيه المأمون ليرى فيه رأيه مراعاة لخاطر أمه زبيدة، فلما قتله طاهر المذكور لم يسع المأمون إلا السكوت لكون طاهر هو القائم بدولة المأمون وبنصرته على أخيه الأمين حتى تم له ذلك. وفيها