للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفاة ابن كاتب المناخات ٥٢٧

تغرى برمش نائب القلعة ٥٣٠

السنة الثانية عشرة من سلطنة الملك الظاهر جقمق على مصر وهى سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة ٥٣٥

قراخجا الحسنى أمير آخور كبير ٥٣٥

خوند الدلغادرية ٥٤٢

تمر باى رأس نوبة النوب ٥٤٣

السنة الثالثة عشرة من سلطنة الملك الظاهر جقمق على مصر وهى سنة أربع وخمسين وثمانمائة ٥٤٧

على باى الساقى ٥٤٨

النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج ١٦، ص: ١

[الجزء السادس عشر]

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم

يتناول الجزء السادس عشر من كتاب النجوم الزاهرة التأريخ للسنوات من ٨٥٥ إلى ٨٧٢ هجرية (١٤٥١- ١٤٦٧ ميلادية) وتشمل هذه الحقبة:-

وفيات السنوات الثلاث الأخيرة من فترة حكم السلطان الملك الظاهر جقمق.

ثم فترة حكم السلطان الملك المنصور عثمان بن جقمق.

ثم فترة حكم السلطان الملك الأشرف إينال العلائى.

ثم فترة حكم السلطان الملك المؤيد أبى الفتح أحمد بن إينال.

ثم فترة حكم السلطان الملك الظاهر خشقدم.

ثم فترة حكم السلطان الملك الظاهر أبى نصر يلباى المؤيدى.

ثم فترة حكم السلطان الملك أبى سعيد تمربغا الظاهرى.

ثم ابتداء سلطنة السلطان الملك الأشرف قايتباى المحمودى الظاهرى.

وبنهاية هذا الجزء ينتهى كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة.

وقد تميزت هذه الحقبة التاريخية بقصر فترات الحكم للسلاطين الذين حكموا مصر وما والاها من البلاد. فمثلا السلطان الملك المنصور عثمان بن جقمق حكم شهرا وثلاثة عشر يوما، والسلطان الملك المؤيد أبو الفتح أحمد بن إينال حكم أربعة أشهر وأربعة أيام.

النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج ١٦، ص: ٢

والسلطان الملك الظاهر أبى نصر يلباى الإينالى المؤيدى حكم شهرين إلا أربعة أيام، والسلطان الملك أبو سعيد تمربغا الظاهرى حكم شهرين.

ولم تعرف البلاد نوعا من الاستقرار إلا في فترة حكم الظاهر جقمق- مع اضطراب الأحوال بسبب المماليك السلطانية- وفترة حكم الأشرف إينال العلائى، وفترة حكم الظاهر خشقدم، ثم فترة حكم الأشرف قايتباى المحمودى.

وقد تناولها مؤلفنا تناول المؤرخ المعاصر للأحداث القريب منها اللصيق بحكامها، ولذلك فقد أصبح كتاب «النجوم الزاهرة» بالنسبة لهذه الحقبة أوثق مصدر تاريخى لها، ولولا أنه شجب كثيرا من التفصيلات التي وردت فى كتاب آخر له هو كتاب «حوادث الدهور فى مدى الأيام والشهور» لقلنا بأنه أوسع مصدر تاريخى تناول هذه الحقبة؛ ذلك لأن كتاب «بدائع الزهور» لابن إياس عالج التأريخ لهذه الحقبة فى اختصار شديد، وكتاب «إنباء الغمر» لابن حجر مع اختصاره وقف بالأحداث عند سنة ٨٥٠ هجرية فقط، وكتاب «عقد الجمان» للبدر العينى مع بسطه واتساعه وصل بالتأريخ إلى سنة ٨٥٠ هجرية أيضا، وفوق ذلك فهو لم يحقق أو يطبع بعد، كذلك كتاب «التبر المسبوك» للسخاوى ليست له ميزة كتابنا هذا؛ لأنه يعالج الأحداث فى اختصار شديد أيضا، ومن هنا تجىء أهمية مؤلفات ابن تغرى بردى لهذه الحقبة.

ولا ندرى إن كان ابن تغرى بردى قد توقف عند هذا الحد من التأريخ أم أنه كتب شيئا بعد ذلك لكنه لم يضمّ إلى هذا الكتاب أو غيره فلم يصل إلينا، ولعل المرض الذي أصيب به المؤلف (مرض القولنج) قد حال بينه وبين مواصلة التأريخ إلى الوقت الذي وافته فيه منيته.

ويقول السخاوى فى كتابه الضوء اللامع «١» «وتعال قبل موته بنحو سنة بالقولنج

النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج ١٦، ص: ٣

واشتد به الأمر من أواخر رمضان بإسهال دموى بحيث انتحل وتزايد كربه، وتمنى الموت لما قاساه من شدة الألم إلى أن قضى فى يوم الثلاثاء خامس ذى الحجة سنة أربع وسبعين» وإننا لنتساءل: فلم لم يؤرخ لبقية سنة ٨٧٢ هـ وسنة ٨٧٣ هـ ولم يكن قد دهمته شدة المرض بعد؟!

وكم كنا نود أن نعرف سببا قاطعا لتوقف مؤرخنا عن مواصلة التأريخ حتى الوقت الذي اشتد به المرض، ولكن المراجع التى بين أيدينا لم توضح لنا ذلك، فضلا عن أن كتاب المؤلف «حوادث الدهور فى مدى الأيام والشهور» قد توقف هو الآخر خلال أحداث سنة ٨٧٢ هـ.

وإذا كان لنا أن نستنتج ونرجح فإننا نستنتج أن المؤلف قد طال به المرض وأن وطأته اشتدت عليه منذ الفترة التي انقطع فيها عن التأليف حتى وافته المنية.

ومهما يكن من شىء فالمؤلف- وقد صحبنا على هذه الرقعة الشاسعة من تاريخ مصر- لا بد أن نقول: إن كتابه كان جديرا بتلك التسمية الرائعة «النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة» .

وإذا كان سيودعنا بهذا الجزء فإن الذي لا شك فيه أن اسمه سيظل قادرا على التجول فى كل العصور، وأن نشر كتابه- فى هذه الطبعة- قد جاء فى فترة تحتاج إليها مصر لتتكامل معرفتنا بها، وليزيدنا العلم بها حبا وإعزازا، وتعلقا وتقديسا.

ولقد كان من الطبيعى أن يعمق جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغرى بردى الإحساس بالمنهج التاريخى الذي سار عليه من قبل المؤرخون المسلمون، فنجد عنده التتبع والدقة، والأمانة، وصحة الإسناد، والاستنباط، ووجهة النظر الخاصة، وإذا كان هذا الذي نسميه وجهة نظر خاصة ينكر أحيانا على أتباع هذه المدرسة إلا أننا نراها واضحة عنده.

النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج ١٦، ص: ٤

ولنتأمل تعليقه على كلام كثير مثل «لله دره فيما قال» «١» . ولنتأمل هذا النص «قلت: هو كما قالوا وزيادة «٢» » ثم يضع هذه الزيادة التي تدين هؤلاء التركمان الذين أساءوا السيرة وسلبوا الناس أموالهم، وخربوا البلاد.

وهو حين ينقل رأيا يخالف رأيه- وبخاصة ما ينقله عن المقريزى- وكما ألمحنا إليه فى مقدمة الجزء الرابع عشر- يسوق الرأى بحذافيره حتى ولو كان فى رجل يعزه ويجله، فهو مثلا ينقل رأيه عن الملك المؤيد شيخ المحمودى الذي يقول فيه « ... إلا أنه كان بخيلا مسيكا يشح حتى بالأكل، لحوحا غضوبا، نكدا حسودا معيانا، فحاشا سبابا «٣» ...

الخ» فهو بعد هذا الرأى المصادم له يقول «وكان يمكننى الرد عليه فى جميع ما قاله بحق غير أننى لست مندوبا إلى ذلك فلهذا أضربت عن تسويد الورق وتضييع الزمان «٤» » .

وقد تكون هناك دعوى تقول إنه كان يقف إلى جانب السلطة العليا فى الدولة، وإنه كان يرى أن كل خروج على النظام غير مقبول ويجب أن ترسل إثره الجيوش تجريدة بعد تجريدة؛ على حد ما نعرف من رأيه فى حركات الرفض بين عرب البحيرة «٥» أو بين العربان فى الشرقية «٦» ، أو بين الهوارة فى صعيد مصر «٧» .

ونحن- ابتداء- لا نملك إلا التسليم بشىء من هذا، لكننا نعرف عنه غيرته على تماسك البلاد، وعدم تعرضها للهزات فى عصر كثرت فيه الهزات، ونعرف عنه أيضا الصدق فى الأحكام والشجاعة فى إعلانها، ولنتأمل هذا الجانب الذي يطالعنا كثيرا فى مؤلفاته ... فهو يقول- مثلا- فى زوج أخته القاضى كمال الدين عمر بن العديم قاضى

النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج ١٦، ص: ٥

قضاة الحنفية بالديار المصرية «كان عالما فطنا مع طيش وخفة» «١» ويقول عن الأمير سيف الدين آقبردى بن عبد الله المؤيدى أحد أمراء الألوف بالديار المصرية «كان شجاعا مقداما كريما مع جهل وظلم وجبروت وخلق سيىء، وبطش وحدة مزاج، وقبح منظر. قلت:

وعلى كل حال مساوئه أكثر من محاسنه» «٢» ويقول فى شأن تولية جمال الدين الصفى لكتابة السر «وعدّت ولاية هذا الجاهل لمثل هذه الوظيفة العظيمة من غلطات الملك الأشرف [برسباى] وقبح جهله» «٣» ويقول فى شأن الملك الظاهر خشقدم حينما ولّى شمس الدين محمدا البباوىّ نظر الدولة ثم الوزارة «وسمع الملك الظاهر خشقدم بسعة ماله- وكان من الخسة والطمع فى محل كبير- فاحتال على أخذ ماله بأن ولّاه نظر الدولة ...

فشق ذلك على الناس قاطبة، وعدوا ذلك من قبائح الملك الظاهر خشقدم ... وشغر الوزر ... فطلب السلطان البباوىّ وولّاه الوزر» «٤» .

وصحيح أنه منحدر من سلالة المماليك، وصحيح أنّا نحس إعجابه بالعظام منهم، ولكنه فى الوقت نفسه يقدم فى موضوعية تامة عمليات الغدر والخديعة والوقيعة التي غص بها هذا العصر الذي يؤرخ له.

ولعمرى ماذا يراد من المؤرخ غير هذا؟! نحن نعتقد أن الذي عصمه هو تقاليد «المدرسة التاريخية الإسلامية» التي ألمحنا من قبل إلى مميزاتها، والتي كان مؤرخنا واحدا من عمدها.

ثم يأتى أخيرا بيانه الواضح، ووصوله إلى ما يريد بأقل الألفاظ مع سلامة تركيب الجملة العربية، إذا قيس بغيره من مؤرخى عصره، ومع اعتبار ما كان طاغيا على أساليب هذا العصر من خروج على قواعد اللغة.

النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج ١٦، ص: ٦

وقد عاب عليه السخاوى استخدامه بعض الكلمات التى تخرج على مقاييس اللغة مثل أخرب، وأخلع. ولعمرى فإن هذا القليل- الذي رآه المؤلف صادق الدلالة على معناه- لا يعد خطيرا إلى جانب الفيض الكثير من الأساليب المنسقة السهلة الفصيحة.

وأخيرا فنحن حين ترفع القلم عن الحرف الأخير من هذا الكتاب، أو بعبارة شاعرية عن هذه النجوم الزاهرة نحسّ بأنه من أجل مصر، بل ومن أجل الوطن العربى يجب أن يقرأ هذا الكتاب، ونحسّ أنه كان من حسن حظنا أن أتاحت لنا «الهيئة المصرية العامة للكتاب» أن نقابل القارئ العربى بهذا الجزء الذي نرجو أن يحمله على متابعة قراءة الكتاب من أوله جزءا جزءا، أو كما يحب أن يقول مؤلفه «نجما نجما» .

منهج التحقيق:

وقد اعتمد فى تحقيق هذا الجزء على نسخة أيا صوفيا المصورة والمحفوظة بدار الكتب بالقاهرة تحت رقم ١٣٤٣ تاريخ، واعتبرت أصلا للتحقيق ورمز لها بالأصل أو بحرف «ص» وقوبل على طبعة كاليفورنيا التى حققها المستشرق وليم پوپر معتمدا على مخطوطة المكتبة الأهلية بباريس رقم ١٧٨٨ معتبرا إياها أصلا، ومقابلا لها على مخطوطة أخرى بنفس المكتبة برقم ١٧٨٩ وأيضا على المصورة الشمسية لنسخة أيا صوفيا.

وقد اعتمد پوپر أيضا على كتاب «حوادث الدهور فى مدى الأيام والشهور» للمؤلف واعتبره نسخة معاونة رمز لها بحرف «H» وأضاف كثيرا من تفصيلاته فى هوامشه.

وقد روجع هذا الجزء على ما جاء فى هذا الكتاب الذي توجد منه نسختان بدار الكتب بالقاهرة. إحداهما مصورة عن نسخة أياصوفيا ومحفوظة برقم ٢٣٩٧ تاريخ، والأخرى مصورة عن نسخة الفاتيكان ومحفوظة برقم ٢٤٠٤ تاريخ تيمور، وقد حققت الجزء الأول منه وينشره حاليا المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. وقد سبق أن نشر

النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج ١٦، ص: ٧

المستشرق وليم پوپر مقتطفات منه تهتم بالتفصيلات التى لم ترد فى كتاب «النجوم الزاهرة» واعتبر المنشور ملحقا بالجزء السابع من كتاب النجوم طبعة كاليفورنيا.

وسيجد القارئ أن مؤلفنا كثيرا ما يشير إلى التفصيلات والتفريعات التى أوردها فى كتاب «حوادث الدهور فى مدى الأيام والشهور» وشجبها فى كتاب «النجوم الزاهرة» . ذاكرا أنه أغفلها فى «النجوم» ويحيل القارئ فى معرفتها إلى كتاب «الحوادث» ذاكرا أن «الحوادث» يعنى بتفصيل الأحداث وعرضها أكثر من عناية «النجوم» بها.

ولقد تتبعنا المنهج الذي قام عليه تحقيق الأجزاء السابقة من كتاب «النجوم» وجعلناه أساسا لتحقيق هذا الجزء، وأضفنا إلى هوامشه ما رأينا إضافته من كتاب «الحوادث» مما يوضح النص أو يوثقه أو يضيف إليه جديدا.

ورجعنا فى تحقيق الأحداث وتراجم الأعلام إلى المصادر المعتمدة والمطروقة فى هذا الميدان، والتى رجع إليها السادة المحققون للأجزاء الأخرى من هذا الكتاب.

وإذا كان هذا الجزء قد صدر بعد فقدنا للعالم الكبير المرحوم الدكتور جمال الدين الشيال فإنه ما من شك فى أن التراث قد فقد بفقده عالما جليلا صادق الجهد نفاذ البصيرة يدين له التراث بفضل تحقيق «مفرج الكروب» وغيره. وبدين له بجهده الذي بذله فى هذا الجزء، أثابه الله عن العلم والتراث خير المثوبة.

وإنا لنرجو أن يكون الجهد الذي بذل موضع القبول؛ والله ولى التوفيق.

١٠ من جمادى الأولى سنة ١٣٩٢ هـ.

٢١ من مايو سنة ١٩٧٢ م.

فهيم محمد شلتوت