حكى أبو السمراء قال: خرجنا مع عبد الله بن طاهر من العراق متوجهين [إلى مصر «١» ] حتى إذا كنا بين الرملة ودمشق واذا بأغرابىّ قد اعترضنا على بعير له أورق «٢» وكان شيخاً، فسلم علينا فرددنا عليه السلام، وكنت أنا وإسحاق بن إبراهيم الرافقي «٣» وإسحاق بن أبي ربعي ونحن نساير عبد الله بن طاهر، وكانت كسوتنا أحسن من كسوته، ودوابنا أفره من دابته؛ فجعل الأعرابي ينظر في وجوهنا فقلنا: يا شيخ، قد ألححت في النظر إلينا، عرفت شيئاً أم أنكرته؟ فقال: لا والله، ما عرفتكم قبل يومي هذا ولا أنكرتكم لسوء أراه بكم، ولكني رجل حسن الفراسة في الناس، جيد المعرفة بهم؛ فأشرت إلى إسحاق بن أبي ربعي وقلت: ما تقول في هذا؟ فقال:
أرى كاتباً جاه الكتابة بين ... عليه وتأديب العراق منير
له حركات قد تشاهد أنه ... عليم بتقسيط الخراج بصير
ثم نظر إلى إسحاق بن ابراهيم الرافقىّ وقال:
ومظهر نسك ما عليه ضميره ... يحب الهدايا بالرجال مكور «٤»
أخال به جبناً وبخلاً «٥» وشيمة ... تخبر عنه أنه لوزير