الأمير بردبك من القدس، وحذّر السلطان من الدعاء عليه، ونهاه عن هذه الفعلة فانفعل «١» له، وترك كل واحد على حاله، ونودى بذلك بشوارع القاهرة، فعدّ من محاسن بردبك المذكور.
وفي يوم السبت حادى عشر ذى القعدة اختفى الوزير أمين الدين بن الهيصم، لعجز متحصّل الدولة عن القيام بالكلف السلطانية، فتغيّر السلطان بسبب ذلك على جماعة «٢» ، وقبض على الأمير زين الدين الأستادار في يوم الاثنين وحبسه بالقلعة، وخلع على الأمير ناصر الدين محمد بن أبى فرج نقيب الجيش «٣» باستقراره في الأستادارية عوضا عن زين الدين على كره منه في الوظيفة، مضافا إلى نقابة الجيش، وخلع على سعد الدين فرج بن النحال باستقراره وزيرا على عادته، وهذه ولاية فرج الثانية للوزر، وأنعم عليه بكتابة المماليك، وعزل القاضى تاج الدين المقسى.
ثم في يوم الأربعاء خامس عشر ذى القعدة ضرب السلطان زين الدين الأستادار، وألزمه بجملة كبيرة من المال، فأخذ زين الدين في بيع قماش بدنه وأثاث بيته، ثم أخذه الصاحب جمال الدين ناظر الجيش والخاص، وتسلمه من السلطان، ونزل به إلى بيته، فدام عنده أيّاما، ثم رسم له بالتوجه إلى داره، وأنه يسافر إلى القدس، فتجهّز زين الدين وخرج إلى القدس في يوم الجمعة ثانى ذى الحجة.
ثم في يوم الاثنين خلع السلطان على شخص من الأقباط يعرف بابن النجار «٤» ، واستقرّ به ناظر الدّولة «٥» بعد شغورها مدة «٦» طويلة، وصار رفيقا للوزير فرج «٧» .