وفيه ورد الخبر من مكّة المشرّفة بموت الأمير برشباى الإينالى المؤيدى رأس المماليك المجاورين بها، فأنعم السلطان بإقطاعه في يوم الثلاثاء على دولات باى «١» الأشرفى السّاقى، وعلى خيربك من حديد الأشرفى الدّوادار، نصفين بالسّويّة، لكل منهما إمرة عشرة.
واستهلّ شهر رمضان- أوله الجمعة- فى يوم السبت ثانيه خلع السلطان على الأمير جانبك الظاهرى أحد أمراء مقدمى الألوف بسفره إلى بندر جدّة على عادته في كل سنة، وخرج من الغد متوجها إلى جدّة في غاية التجمل والحرمة.
وفي يوم الثلاثاء خامس شهر رمضان المذكور عيّن السلطان الأمير خشقدم الناصرى المؤيدى أمير سلاح إلى سفر الوجه القبلى؛ لقتال العرب الخارجة عن الطاعة، وعيّن معه مائتى مملوك، وسافروا يوم الثلاثاء ثانى عشره.
وفي هذا الشهر قوى الاهتمام بسفر المجاهدين، وقاست الناس من أعوان سنقر الزّردكاش شدائد يطول الشرح في ذكرها، حتى قال بعض الشعراء الموالة بلّيقا، تعرّض فيه لظلم سنقر الزّردكاش وحواشيه، بقوله:
قبل الغزا جاهد في الناس ... فصار الظلم أنواع وأجناس
من طلب هذا الغزا واحتاج لواس
ووقع بسبب عمارة هذه المراكب مظالم لا تحصى، من قطع أشجار الناس عسفا، وأخذهم ما يحتاجون إليه ظلما، وزاد ظلم سنقر هذا على الناس حتى جاوز الحد، فلا جرم أن الله تعالى عامله بعد ذلك من جنس فعله في الدنيا، بما قاساه من النفى والحبس وأخذ المال، مع الذل والهوان والصغار، وحلّ به كل مصيبة، حتى أحرقت داره بجميع ما فيها، ثم نهب ما فضل من الحريق، وتشتّت في البلاد على أقبح وجه، هذا في الدنيا وأما الأخرى فأمره إلى الله تعالى.