وتوفّى الأمير جانبك بن عبد الله اليشبكى والى القاهرة، ثم الزردكاش، فى ليلة الخميس ثامن عشر شهر ربيع الأوّل، وهو في أوائل الكهولية، ودفن من الغد، وكان أصله من مماليك الأمير يشبك الجكمى الأمير آخور، ثم اتصل بعد موته بخدمة السلطان، ثم صار خاصّكيّا في الدولة الأشرفية برسباى، وصحب الصاحب جمال الدين يوسف بن كاتب جكم ناظر الخواص، فروّجه في المملكة، حتى صار ساقيا في الدولة الظاهرية جقمق، ثم تأمر عشرة بعد مدة طويلة، وصار من جملة رءوس النوب، ثم استقر والى القاهرة، ثم أضيف إليه حسبة القاهرة في سنة أربع وخمسين، ثم انفصل من الحسبة، واستمر في الولاية سنين كثيرة، إلى أن نقل إلى وظيفة الزّردكاشيّة في الدولة المنصورية عثمان، بعد انتقال الأمير لاجين الظاهرى إلى شد الشراب خاناه، وتولى عوضه ولاية القاهرة يشبك القرمى الظاهرى، فلم تطل أيّامه زردكاشا، ومات فى أوائل الدولة الأشرفية إينال، حسبما تقدم وفاته؛ وكان مليح الشكل متجملا، «١» حسن المحاضرة «٢» - رحمه الله تعالى.
وتوفّى الأمير سيف الدين أرنبغا اليونسىّ الناصرى أحد مقدمى الألوف بالدّيار المصريّة في ليلة الجمعة تاسع عشر شهر ربيع الأوّل، وسنّه زيادة على السبعين، وأنعم السلطان بتقدمته على الأمير دولات باى المحمودى الدّوادار بعد مجيئه من السّجن بمدّة، وكان أرنبغا هذا تترىّ الجنس من مماليك الملك الناصر فرج، وهو أخو سونجبغا الناصرى، وأرنبغا هذا هو الأكبر، وتنقلت بأرنبغا هذا الأحوال إلى أن تأمّر في دولة الملك الأشرف برسباى عشرة، وصار من جملة رءوس النّوب، وطالت أيّامه، وحجّ وجاور في مكّة غير مرّة، ثم نقل في الدّولة الظاهريّة جقمق إلى إمرة طبلخاناه، ثم صار في أوائل دولة الأشرف إينال أمير مائة ومقدّم ألف، فلم تطل مدّته، ومات في التاريخ المقدم ذكره، وكان أميرا شجاعا مقداما عارفا