فقيها عالما بمذهبه، عارفا بصناعة القضاء والشروط والأحكام، ناب في الحكم من سنة سبع عشرة وثمانمائة إلى أن مات، وحمدت سيرته- رحمه الله تعالى.
وتوفى المقام الغرسى خليل ابن السلطان الملك الناصر فرج ابن السلطان الملك الظاهر برقوق بن الأمير آنص الچاركسى الأصل، بثغر دمياط في يوم الثلاثاء ثانى عشر جمادى الأولى، ومولده بقلعة الجبل في سنة أربع عشرة وثمانمائة، وأمه أم ولد تسمى «لا أفلح من ظلم» مولّدة، وبقى بقلعة الجبل إلى أن أخرجه الملك المؤيد شيخ مع أخيه محمد ابن الناصر فرج إلى الإسكندرية فحبسا بها إلى أن سألت عمتهما خوند زينب بنت الملك الظاهر برقوق زوجها الملك المؤيد شيخا في إحضارهما من الإسكندرية إلى قلعة الجبل لتختهما فحضرا إلى الديار المصرية، وختنا بقلعة الجبل، ثم أعيدا إلى الإسكندرية، وداما بها بسجنها إلى أن مات أخوه محمد في طاعون سنة ثلاث وثلاثين، فأخرج خليل هذا من السجن، ورسم له بأن يسكن حيث شاء بثغر الإسكندرية، وأن يركب لصلاة الجمعة لا غير، فبقى على ذلك إلى أن رسم له الملك الظاهر جقمق- بعد أن تأهل بكريمتى- أن يركب إلى جهة باب البحر «١» ، ويسير.
ثم أذن له بعد ذلك بالحج، وقدم القاهرة في شوال سنة ست وخمسين، وحج فى موسم السنة المذكورة.
ثم عاد وقد خلع الملك الظاهر نفسه، وتسلطن ولده الملك المنصور عثمان، فرسم له المنصور في يوم دخوله من الحج بالتوجه إلى الإسكندرية، فطلب هو دمياط، فرسم له بها.
وخرج إليها من يومه قبل أن يحل عن أحماله، فلم تطل مدّته بثغر دمياط ومات في التاريخ المذكور، ودفن بدمياط أيّاما، ثم نقل إلى بولاق.