بعد عزل الأمير جارقطلو وقدومه إلى مصر أمير مائة ومقدّم ألف وأمير مجلس عوضا عن جرباش المذكور، فلم تطل مدة جرباش بطرابلس، وعزل عنها بالأمير طراباى الظاهرى، وقدم إلى القاهرة في سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة أمير مجلس على عادته أولا.
وقد انتقل جارقطلو عن إمرة مجلس إلى أتابكية العساكر بالديار المصرية، بعد موت الأتابك يشبك الساقى الأعرج، فلم تطل مدّة جرباش بالقاهرة، وقبض عليه، ونفى إلى ثعر دمياط بطّالا، فدام بالثغر دهرا طويلا إلى أن طلبه الملك الظاهر جقمق في أوائل سلطنته، وجعله أمير مجلس ثالث مرّة، عوضا عن الأمير يشبك السودونى المنتقل إلى إمرة سلاح، بعد انتقال الأمير آقبغا التمرازى إلى أتابكية العساكر بالديار المصرية بعد عصيان قرقماس الشّعبانى والقبض عليه وسجنه بالإسكندرية، وذلك في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فدام على إمرة مجلس إلى سنة ثلاث وخمسين، فنقل إلى إمرة سلاح بعد موت الأمير تمراز القرمشى «١» .
وتولّى بعده إمرة مجلس تنم من عبد الرزّاق المؤيدى المعزول عن نيابة حلب، فلم يزل على ذلك إلى أن أخرج الملك المنصور عثمان إقطاعه إلى الأمير قراجا الخازندار الظاهرى- ووظيفته إمرة سلاح- إلى الأمير تنم المقدم ذكره، فلزم جرباش من يوم ذلك داره إلى أن مات، وكان رحمه الله تعالى وقورا في الدول، طالت أيامه في السعادة، ودام أميرا أكثر من خمسين سنة، بما فيها من العطلة، وكان منهمكا في اللذات التي تهواها النفوس مع عدم شهرته بالشجاعة، وذلك خرج الملوك لطلب الراحة- انتهى.
وتوفّى الأمير سيف الدين يشبك بن عبد الله حاجب حجّاب طرابلس في يوم الأربعاء ثالث المحرم، وكان من مماليك الأمير قانى باى البهلوان، وسعى بعد موت