الأتابك إينال العلائى صاحب الترجمة على الملك المنصور عثمان بن الملك الظاهر جقمق، فقام الخليفة هذا مع إينال على الملك المنصور عثمان أشد قيام، فلما تسلطن إينال عرف له ذلك، ورفع قدره ومحله إلى الغاية، ونال في أيامه من الحرمة والوجاهة ما لا يقاربه أحد الخلفاء من أسلافه، فاتفق بعد ذلك ركوب جماعة من صغار المماليك الظاهرية على الأشرف إينال، وطلبوه فحضر عندهم، ووافاهم أفضل موافاة، فلم ينتج أمرهم، وسكنت الفتنة في الحال، وقد ذكرناها في أصل هذه الترجمة مفصلة، فلما سكن الأمر طلبه السلطان إلى القلعة، ووبخه على فعله وحبسه بالبحرة بقلعة الجبل، وخلعه من الخلافة بأخيه المستنجد يوسف، ثم أرسله إلى سجن الإسكندرية فحبس به مدة ثم أطلق من السجن، ورسم له بأن يسكن حيث شاء من الثغر، فسكن به إلى أن مات- رحمه الله تعالى.
وتوفّى الحاج خليل المدعو قانى باى اليوسفى المهمندار محتسب القاهرة بها، فى عشرين شوال، وهو مناهز السبعين «١» ، وكان أصله من مماليك قرايوسف بن قرامحمد، صاحب بغداد على ما زعم، ثم قدم القاهرة في دولة الأشرف برسباى، وسأله الأشرف عن أصله وجنسه فقال: أنا من مماليك قرايوسف، جنسى چاركسى، واسمى الأصلى قانى باى، فمشى ما قاله على الأشرف؛ لضعف نقده، وعدم معرفته، وسماه قانى باى اليوسفى، وجعله خاصكيا؛ ثم امتحن بعد موت الأشرف برسباى، وحبس إلى أن عاد إلى رتبته في الدولة الأشرفية إينال، وجعله مهمندارا، ثم محتسبا إلى أن مات.
وتوفّى يار على بن نصر الله العجمى الخراسانى الطويل «٢» ، محتسب القاهرة بطالا، بعد مرض طويل، فى سادس عشرين ذى القعدة، ودفن من الغد، وسنه نيف على الثمانين، وكان هو يدّعى أكثر من ذلك، وليس بصحيح، وكان أصله فقيرا مكديا على عادة فقراء العجم، وخدم الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشام لما كان