للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصول عن الشيخ سراج الدين، وقرأ الحديث أيضا بطرابلس على ابن البدر، ثم رحل إلى دمشق قبل سنة عشرين، واشتغل بها على العلماء، ثم عاد إلى طرابلس.

ثم قدم إلى دمشق ثانيا بأهله واستوطنها ولازم علّامة زمانه ووحيد دهره الشيخ علاء الدين محمد البخارى الحنفى، وأخذ عنه فنونا كثيرة، إلى أن برع في الفقه والتصوف، وجلس للإفادة والتدريس والأشغال إلى أن مات، وكان قوّالا بالحق، قائما في أمر الملهوفين، لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد استوعبنا من أحواله نبذة كبيرة فى تاريخنا «الحوادث» وغيره- رحمه الله تعالى.

وتوفّى الأمير سيف الدين يشبك بن عبد الله من جانبك المؤيدى الصوفى أتابك دمشق بها، فى يوم الثلاثاء سابع عشرين صفر وهو اليوم الذي مات فيه البلاطنسى المقدم ذكره، وقد ناهز الستين من العمر، كان من صغار مماليك الملك المؤيّد شيخ، وصار خاصكيا بعد موت أستاذه، وامتحن في دولة الملك الأشرف برسباى بالضرب والعصر والنفى؛ بسبب الأتابك جانبك الصوفى.

ثم عاد بعد سنين إلى رتبته، وصار خاصكيا على عادته إلى أن تأمّر عشرة في دولة الملك الظاهر جقمق، وصار من جملة رءوس النوب، وسافر إلى مكة مقدّم المماليك السلطانية بمكة، ثم عاد إلى القاهرة، ودام بها مدّة، ثم نفى إلى حلب بعد سنة خمسين وثمانمائة، ثم نقله الملك الظاهر جقمق إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بحلب، ثم نقله بعد ذلك إلى نيابة حماة ببذل المال، ثم إلى نيابة طرابلس كذلك، بعد انتقال الأمير برسباى الناصرى إلى نيابة حلب في سنة اثنتين وخمسين، فدام على نيابة طرابلس إلى سنة أربع وخمسين، فطلب إلى القاهرة، فلما حضر أمسكه السلطان الملك الظاهر، وأرسله إلى دمياط بطالا، ثم نقل بعد مدّة من دمياط إلى سجن الإسكندرية؛ لأمر بلغ السلطان عنه، فلم تظل مدّته بسجن الإسكندرية وأطلق وأرسل إلى دمياط ثانيا، ثم نقل إلى القدس، ثم طلب إلى الديار المصرية، فأنعم عليه بأتابكية العساكر بدمشق، بعد القبض على الأتابك خيربك المؤيدى الأجرود.