وتوفّى الشيخ المقرئ إمام جامع الأزهر في يوم الأحد خامس عشر المحرم، وكان دينا خيرا من بيت قراءة وفضل ودين- رحمه الله تعالى.
وتوفّى زين الدين أبو الخير محمد ابن المعلّم شمس الدين محمد ابن المعلم أحمد، المعروف بالنحّاس، شهرة وصناعة ومكسبا، فى يوم الجمعة العشرين من المحرّم، ودفن من يومه بالصحراء، وقد تقدّم من ذكره في أصل هذا الكتاب ما يغنى عن التعريف به في هذا المحل ثانيا، وسقنا أمره محرّرا من ابتداء أمره إلى آخره باليوم والشهر في تاريخنا «المنهل الصافى» ، ثم في مصنفنا أيضا «حوادث الدهور» ، وذكرنا كيفيته، وكيف كان تقرّبه إلى الملك الظاهر جقمق، وعرّفنا بحاله وتكسّبه في دكان النحاسين، ثم ما وقع له مع أبى العباس الوفائى، ثم ترقّيه وتولّيه الوظائف السنيّة شيئا بعد شىء، ثم انحطاط قدره، ونكبته ومصادرته، وضربه ونفيه بعد حبسه بحبس الرّحبة مدّة طويلة، والإخراق به من العوامّ والمماليك السلطانية، ثم خروجه من الديار المصرية على أقبح وجه، بعد أن ادّعى عليه عند القاضى المالكى بالكفر، وأشيع ضرب رقبته، ووضع الجنزير في رقبته، ثم ما وقع له من الإخراق بمدينة طرسوس في مدّة طويلة، ثم حضوره إلى الدّيار المصرية بغير إذن الملك الظاهر جقمق خفية، ثم طلوعه إلى السلطان، وضرب السلطان له ثانيا بالحوش في الملأ العام ذلك الضرب المبرّح، ثم إخراجه ثانيا من القاهرة على أقبح وجه [منفيا]«١» إلى طرابلس، ثم إقامته بطرابلس إلى أن مات الصاحب جمال الدين يوسف بن كاتب جكم، ثم طلبه الحضور إلى الديّار المصريّة غير مرّة إلى أن حضر، وظن المخمول أن الذي مضى سيعود، وقدّم عدة كبيرة من الخيول، وولّى الذخيرة ووظائف أخرى، فلم يتحرك له سعد ولانتج أمره، بل صار كلما قام أقعده الدهر، وكلما أراد القوة ضعف، وزاد به القهر إلى أن مرض واشتد مرضه، وترادفت رسل السلطان إليه بطلب المال، فعظم ما به من المرض من الخالق ومن