ولما كان صبيحة نهار الخميس المقدّم ذكره، وهو ثانى يوم من يوم سلطنته، وهو عشر جمادى الأولى، وقد عمل السلطان فيه الخدمة السلطانية، وخلع على جماعة كثيرة من الأمراء بعدة وظائف، فاستقرّ بالأمير خشقدم أمير سلاح أتابك العساكر عوضا عن نفسه، ولكن لم يجد له في ذلك اليوم خلعة الأتابكية، لكونه كان لبسها في أمسه، لما حمل القبة والطير على رأس السلطان، فجددت له أخرى لم يفرغ عملها في هذا اليوم.
ثم أنعم السلطان على الأمير خشقدم المذكور بإقطاع نفسه، وهو إقطاع الأتابكيّة.
ثم خلع على الأمير جرباش المحمدى أمير مجلسه باستقراره في إمرة سلاح عوضا عن الأمير خشقدم بحكم استقراره أتابك العساكر.
واستقر الأمير قرقماس الأشرفى رأس نوبة النّوب أمير مجلس عوضا عن جرباش المقدّم ذكره.
واستقرّ الأمير قانم من صفرخجا المؤيّدى التاجر رأس نوبة النّوب عوضا عن قرفماس المذكور.
وأنعم السلطان بإقطاع الأتابك خشقدم على الأمير بيبرس الأشرفى خال الملك العزيز يوسف حاجب الحجاب، لكون متحصل هذا الإقطاع يزيد عن متحصل الإقطاع الذي كان بيده أولا، وطلب الأمير جانبك من أمير الأشرفى الخازندار إقطاع بيبرس، فتوقّف السلطان فيه، ووقع- بسبب توقّف السلطان في الإنعام على جانبك به- بين جانبك المذكور وبين الأمير يونس الدّوادار الكبير كلام، فأفحش الدّوادار في الرّدّ على جانبك، ودام الإقطاع موقوفا لم ينعم به على أحد، وانفض الموكب، وقام السلطان الملك المؤيد أحمد من القصر، وتوجه إلى الدهيشة، وجلس بالشباك المطل على الحوش، وأمر المنادى فنادى بين يديه بالحوش، بأن النفقة في المماليك السلطانية تكون لكل واحد مائة دينار، وتكون أول التفرقة يوم الثلاثاء عشرين الشهر، فضج الناس له بالدعاء.