للحكم، وكانت قاعدة ملوك السلف ممن أدركنا وسمعنا الاحتجاب عن الناس بالكلية، ولم يقدر أحد من المماليك السلطانية أن يدخل الحوش- بحاجة أو غير حاجة- إلا بقماش الموكب، ولا يجتمع أحد بالسلطان بالدهيشة والحوش إلا الخصيصين به لا غير، ومن كان له مع السلطان حاجة يجتمع به في القصر السلطانى ليالى المواكب وأيام المواكب، فبهذا المقتضى كان يحتاج السلطان إلى النزول إلى الإسطبل السلطانى للحكم بين الناس، وإنصاف المظلوم من الظالم، ويكون ذلك في الغالب أيّام الشتاء، وتكون مدة الحكم فى يومى السبت والثلاثاء نحو شهرين، وقد فهمت الآن معنى قولنا:«ولم يحكم السلطان بين الناس من يوم تسلطن» ، أعنى بذلك نزوله إلى الإسطبل- انتهى.
ثم في يوم الاثنين خامس عشر شهر ربيع الآخر نزل السلطان إلى رماية البركة «١» لصيد الكراكى وغيرها على العادة، وهذا أيضا أول نزوله إلى الصيد من يوم تسلطن وعاد من يومه، وشقّ القاهرة، ثم تكرر من السلطان نزوله إلى الصيد في هذه السنة غير مرة.
وفي هذه الأيام كانت واقعة أصباى «٢» البواب مع القتيلين اللذين قتلهما، وقد حكينا واقعته في «الحوادث» .
وفي يوم الأربعاء خامس عشر «٣» جمادى الأولى ثارت المماليك الأجلاب بالقلعة في الأطباق، ومنعوا الناس من الطلوع إلى الخدمة السلطانية، وطلبوا زيادة جوامك وكسوة وعليق، ووقع أمور، ثم وقع الأمر على شىء حكيناه بعد وهن في المملكة.
وفي يوم الخميس سادس عشره استقرّ القاضى ولى الدين الأسيوطى أحد نواب الحكم قاضى قضاة الشافعية بالديار المصريّة، بعد شغور القضاء عن أبى السعادات البلقينى أياما كثيرة.