بها، بعد مرض طويل، فى ذى القعدة، ومولده بالقاهرة في سنة أربع عشرة وثمانمائة، وكان- رحمه الله تعالى- عالما فاضلا ذكيا، فصيح العبارة، مستقيم الذهن، طلق اللسان جهورى الصوت، مليح الشكل، خطيبا بليغا مفوها، كثير الاستحضار للشعر وأنواعه، نادرة في أقاربه وأبناء جنسه، إلا أنه كان قليل الحظ عند الملوك والأكابر، كما هى عادات الدّهر من تقديم الجهلاء وتأخير الفضلاء.
وتوفّى الأمير سيف الدين خيربك بن عبد الله النّوروزى بعد عزله عن نيابة صفد وتوجهه إلى دمشق أميرا بها، وكان بلى المناصب الجليلة بالبذل لعدم أهليته، فإنه كان لا للسيف ولا للضيف.
وتوفّى الشيخ المعتقد الصالح المجذوب أحمد السطوحى، المعروف بالشيخ خروف «١» ، فى يوم السبت سابع ذى الحجة، ودفن بزاويته عند جامع ملكتمر الشيخونى، المعروف بالجامع الأخضر بطريق بولاق، وكان للناس فيه اعتقاد، وكان يعجبنى حاله في المجاذيب- رحمه الله تعالى.
وتوفّى القاضى أفضل الدين محمود بن عمر «٢» القرمى الأصل، الحنفى الفقيه المشهور، أحد نوّاب الحكم الحنفية بالديار المصريّة، وهو عائد من مجاورته بمكة بالقاع الكبير، فى ليلة الثلاثاء سابع عشر ذى الحجة، وحمل إلى منزلة بدر فدفن بها، وهو في عشر السبعين، وكان معدودا من فقهاء السّادة الحنفية، وله اشتغال قديم، وفضل ومشاركة، وناب في الحكم زيادة على ثلاثين سنة، مع أدب وحشمة.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ستة أذرغ ونصف، مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وواحد وعشرون إصبعا، وثبت إلى أيام من توت، ومع هذا الثبات شرق بلاد كثيرة من عدم إتقان الجسور- ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.