الاثنين سادس عشر ذى الحجة، وقد ناهز الخمسين أو جاوزها، وكان أصله من سبى قبرس قبيل سنة ثلاثين وثمانمائة مراهقا، وملكه الملك الأشرف إينال أيّام إمرته، وربّاه وأعتقه وجعله خازنداره، وزوّجه بابنته الكبرى، ثم جعله دواداره، ولما تسلطن أمّره وجعله دوادارا ثالثا ثم جعله دوادارا ثانيا، ونالته السعادة، وعظم في الدولة وقصده الناس لقضاء حوائجهم، وشاع ذكره وبعد صيته، وحمدت سيرته، وعمّر الجوامع في عدّة بلاد، وله مآثر وذكر في الصدقات والإعطاء، ودام على الدّوادارية إلى أن نكب ابن أستاذه السلطان الملك المؤيّد أحمد ابن الملك الأشرف إينال، وخلع من السلطنة، وأمسك بردبك هذا وصودر، وأخذ منه نحو من مائتى ألف دينار، ووقع له أمور.
وبالجملة إنه كان لا بأس به لولا محبته لجمع المال من أى وجه كان- رحمه الله تعالى.
وتوفّى الشيخ الفقيه العالم المقرئ تاج الدين محمد بن أحمد الفطويسى «١» الإسكندرى المالكى إمام السلطان، ومدرس الحديث بالظاهرية العتيقة، مات في نصف ذى القعدة، ومولده سنة خمس عشرة وثمانمائة، واشتغل كثيرا في عدّة علوم، لكنه لم يكن ماهرا فى غير القراءات، وحصلت له وجاهة آخر عمره.
وتوفّى الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله اليشبكى التركمانى المعروف بسودون قندورة، أحد مقدمى الألوف بدمشق وأمير حاج المحمل الشامى، بعد خروجه من المدينة الشريفة إلى جهة الشام، فى أواخر ذى الحجة، أو في أوائل المحرم، وقد زاد سنه على الستين، وكان من مماليك الأمير يشبك الجكمى الأمير آخور، وبقى بعد أستاذه من جملة مماليك السلطان، ودام على ذلك دهرا طويلا لا يلتفت إليه، إلى أن تحرك له بعيض سعد، وانتمى للصاحب جمال الدين ناظر الخاص ابن كاتب جكم بواسطة خچداشه جانبك اليشبكى والى القاهرة، فولى بعض قلاع البلاد الشامية: