بالظريف «١» ، محبوسا بقلعة صفد في هذه السّنة، وقد جاوز الكهولية، وكان من صغار مماليك الملك الأشرف برسباى، وصار خاصكيا في دولة الملك الظاهر جقمق، ثم خازندارا صغيرا «٢» ثم دوادارا صغيرا «٣» ثم تأمّر عشرة، ثم صار خازندارا كبيرا في دولة الملك الأشرف إينال، ثم صار في دولة الملك الظاهر خشقدم دوادارا ثانيا بإمرة مائة وتقدمة ألف، فلم تطل أيامه فيها، وقبض عليه مع من قبض عليه من خچداشيته الأشرفية، وحبس سنين إلى أن مات في السجن، وكان شابا خفيفا، وفيه طيش مع تكبّر وتعاظم وبخل زائد، لكنه كان عارفا بأنواع الملاعيب كالرّمح والبرجاس وغير ذلك، وعلى كل حال كانت مساوئه أكثر من محاسنه.
وتوفّى الأمير سيف الدين ملك أصلان بن سليمان بن ناصر الدين بك بن دلغادر نائب أبلستين قتيلا بها بيد فداوى في صلاة الجمعة بالجامع، وثب عليه الفداوى وضربه بسكين كان في يده إلى أن قتله، وقتل الفداوى في الوقت، وقيل إن الفداوى كان أرسله الملك الظاهر خشقدم، وحضر سيفه إلى الديار المصرية في عاشر ربيع الآخر، وولى بعده شاه بضع أخوه، ووقع بعد ذلك أمور وفتن قائمة إلى يومنا هذا.
وتوفّى الشيخ الإمام الخطيب البليغ الأديب المفنن برهان الدين إبراهيم ابن قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن ناصر بن خليفة بن فرج بن عبد الله بن عبد الرحمن «٤» الباعونى الأصل، الدّمشقى المولد والمنشأ والوفاة، فى يوم الخميس ربع عشرين شهر ربيع الأوّل، ودفن من يومه، وقد عمّر، ومولده في سابع عشرين شهر رمضان سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ونشأ بدمشق، وطلب العلم، وقرأ على علماء عصره إلى أن برع في عدّة فنون من فقه وعربية وأدب، وغلب عليه الأدبيات والشعر، وله نظم رائق ونثر فائق، وقفت على عدّة كتب من مكاتباته تدلّ على فضل كبير