وتوفّى الأمير سيف الدين برسباى بن عبد الله البجاسى نائب الشام بها في يوم الاثنين ثامن عشر صفر، وقد زاد سنه على الستين، بعد مرض طويل، وكان من عتقاء الأمير تنبك البجاسى نائب دمشق، الذي كان خرج على الملك الأشرف برسباى وقتل في سنة سبع وعشرين وثمانمائة، فكان بين وفاة برسباى هذا ووفاة أستاذه تنبك نحو من أربع وأربعين سنة، ولما قتل أستاذ برسباى هذا تنقّل في الخدم حتى صار من جملة المماليك السلطانية، وترقى إلى أن صار أمير عشرة في دولة الملك الظاهر جقمق، ثم جعله نائب الإسكندرية، ثم صار في دولة الأشرف إينال أمير مائة ومقدّم ألف.
ثم لما مات حاجب الحجاب جانبك القرمانى الظاهرى في شوال سنة إحدى وستين جعل هذا موضعه حاجب الحجاب، ثم نقل إلى الأمير آخورية الكبرى في سنة أربع وستين بعد موت يونس العلائى، وذلك بعد أن صاهر السلطان وتزوج بنت الأمير بردبك الدوادار الثانى، وهى بنت بنت السلطان، فلم يكن مكافأة برسباى هذا للأشرف إينال على ما خوّله من النعم إلا أنه لمّا خرج القوم على ولده الملك المؤيّد أحمد بن إينال غدره ومال إلى الملك الظاهر خشقدم، فعابه كلّ أحد على ذلك، وليت الملك الظاهر خشقدم عرف له ذلك، بل أخرجه بعد قليل إلى نيابة طرابلس، ثم تنقّل بعد نيابة طرابلس إلى نيابة الشام ببذل المال، ولم يتهنأ بدمشق بل مرض وطال مرضه إلى أن مات، وكان رجلا عاقلا عفيفا عن المنكرات والفروج، ولم يعفّ عن الأموال، وكان بخيلا جدا- عفا الله عنه.
وتوفى شيخ مكة ومحدّثها ومسندها تقىّ الدين أبو الفضل محمد بن نجم الدين محمد ابن أبى الخير محمد بن عبد الله بن فهد الهاشمى «١» المكى الشافعى، بمكة في يوم السبت سابع شهر ربيع الأول؛ ومولده بأصفون الجبلين «٢» من صعيد مصر، فى يوم الثلاثاء