الستارة وقتا هيّنا، وإذا بالأمير خيربك خرج من باب الحريم ومعه جماعة من خچداشيته وأخذوا الأتابك يلباى وأدخلوه من باب الحريم، ومضوا به إلى القصر السلطانى، وخاطبوه بالسلطنة، فامتنع امتناعا هينا، فلم يلتفتوا إلى كلامه، وأرسلوا إلى الأمراء أحضروهم إلى القصر من خارج، فوجدوا القصر قد سقط بابه، فدخلوا من الإيوان إلى القصر، فتفاءل الناس زواله بسرعة؛ لغلق باب القصر، فدخلت الأمراء قبل أن يحضر الخليفة والقضاة، وطال جلوسهم عنده، وقبّلت الأمراء الأرض قبل المبايعة وهم في هرج لإحضار الخليفة والقضاة إلى أن حضروا بعد مشقة كبيرة؛ لعسر طريق القصر، إذ المصير إليه من الإيوان السلطانى، وأيضا حتى لبست الأمراء قماش الموكب وتكاملوا بعد أن فرغ النهار، وقد أخذوا في بيعته وسلطنته ولبّسوه خلعة السلطنة بالقصر، وجلس على تخت الملك من غير أن يركب فرسا بأبهة الملك على العادة، وقبلوا «١» الأمراء الأرض بين يديه وتمّ أمره «٢» ، فكان جلوسه على كرسى السلطنة قبل الغروب بثلاث درج حسبما تقدم ذكره.
وخلع على الأمير تمربغا أمير مجلس بالأتابكية، ثم خلع على الخليفة، فدقّت البشائر، ونودى بسلطنته، وتلقب بالملك الظاهر يلباى.
والآن نشرع في التعريف به قبل أن نأخذ فيما وقع له في سلطنته من الحوادث فنقول:
أصله چاركسى الجنس، جلبه الأمير إينال ضضع من بلاد الچاركس إلى الديار المصرية في عدة مماليك، فاشتراه الملك المؤيد شيخ قبل سنة عشرين وثمانمائة، وأعتقه وجعله من جملة المماليك السلطانية، وأسكنه بالقلعة بطبقة الرفرف «٣» ثم صار خاصكيا