للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بردبك نائب الشام، وأنه قتل جميع النوّاب المجردين معه لقتال شاه سوار بن دلغادر، وكان الأمر غير ذلك، ووقع أمور حكيناها مفصلة في تاريخنا «حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور» محصولها أن بردبك المذكور كان تهاون في قتال شاه سوار المذكور، وخذل العسكر الشامى لما كان في قلبه من الملك الظاهر خشقدم رحمه الله، فكان ذلك سببا لكسر العسكر الشامى والحلبى وغيرهم ونهبهم، وقتل في هذه الواقعة نائب طرابلس قانى باى الحسنى المؤيدى، ونائب حماة تنم خوبى الحسينى الأشرفى، وأتابك دمشق قراجا الخازندار الظاهرى، وأتابك حلب قانصوه المحمدى الأشرفى، وغيرهم من أمراء البلاد الشامية، وغيرهم حسبما يأتى ذكرهم في الوفيات على عادة هذا الكتاب- انتهى.

قلت: وجاء هذا الخبر والديار المصرية غير مستقيمة الأحوال لعدم المدبر، والطرق «١» مخيفة، والسبل غير آمنة، وما ذاك إلا أن الملك الظاهر يلباى لما تسلطن وتمّ أمره غطّاه المنصب، وصار كالمذهول، ولزم السّكات وعدم الكلام، وضعف عن بتّ الأمور، وردع الأجلاب، بل صارت الأجلاب في أيامه كما كانت أولا وأعظم، فلم يحسن ذلك ببال أحد، وصار الأمير خيربك الدّوادار الثانى هو صاحب الحل والعقد في مملكته، وإليه جميع أمور المملكة، وشاع ذلك في الناس والأقطار، وسمّته العوام: «أيش كنت أنا؟ قل له» يعنون أن السلطان لما يسأل «٢» فى شىء يقول:

«أيش كنت أنا، قل لخير بك» فبهذا وأشباهه اضطربت أحوال الديار المصرية.

هذا مع ما ورد من البلاد الحلبية من أمر شاه سوار، وقتل أكابر أمراء البلاد الشامية، ونهبه للبلاد الحلبية، وأخذه قلاع أعمالها وأن نائب الشام بردبك فى أسره، وأن يشبك البجاسى نائب حلب دخل إلى حلب على أقبح وجه، فصار الناس بهذا المقتضى كالغنم بلا راع.