التجار في صغره إلى البلاد الشامية في حدود سنة أربع وعشرين وثمانمائة، فاشتراه الأمير شاهين الزّردكاش نائب طرابلس كان، ثم نقل إلى ملك غيره إلى أن ملكه الملك الظاهر جقمق وهو يوم ذاك الأمير آخور الكبير، فربّاه الملك الظاهر وأدّبه وأعتقه وجعله من جملة مماليكه الخواص به، ودام على ذلك إلى أن تسلطن فقرّبه وأدناه، وجعله خاصكيا سلاحدارا مدة، ثم جعله خازندارا، ثم أمّره في أواخر سنة ست وأربعين وثمانمائة إمرة عشرة عوضا عن آقبردى الأمير آخور الأشرفى، واستمر على ذلك مدة طويلة، وهو معدود يوم ذاك من خواص الملك، إلى أن نقله إلى الدوادارية الثانية عوضا عن دولات باى المحمودى المؤيدى، بحكم انتقاله إلى تقدمة ألف، فباشر تمربغا هذا الدوادارية الثانية بحرمة وعظمة زائدة، ونالته السعادة، وعظم في الدولة، وشاع اسمه في الأقطار، وبعد صيته، وقصدته أرباب الحوائج من البلاد والأقطار، وصار أمر المملكة معذوقا به، والدوادار الكبير بالنسبة إليه في الحرمة ونفوذ الكلمة كآحاد الدوادارية الصغار الأجناد.
واستمرّ على ذلك إلى أن مات الملك الظاهر جقمق رحمه الله تعالى، وتسلطن بعده ولده الملك المنصور عثمان، فصار تمربغا عند ذلك هو مدبر المملكة وصاحب عقدها وحلها، والملك المنصور معه حسّ في الملك والمعنى هو، لا سيما لما أمسك الملك المنصور الأمير دولات باى الدّوادار والأمير يلباى المؤيّدى هذا الذي تسلطن، والأمير يرشباى المؤيدى الأمير آخور الثانى، واستقر تمربغا هذا دوادارا كبيرا عوضا عن دولات باى المذكور وبقى ملك مصر وأموره معذوقا به، والناس تحت أوامره، فلم تطل أيامه بعد ذلك، ووقعت الفتنة بين الملك المنصور عثمان وبين أتابكه الأشرف إينال، وهى الواقعة التي خلع فيها الملك المنصور عثمان وتسلطن من بعده الأشرف إينال.
ودام القتال بين الطائفتين من يوم الاثنين إلى يوم الأحد، أعنى سبعة أيام والقتال عمال بين الطائفتين، وكان القائم بحرب إينال بالقلعة هو الملك الظاهر تمربغا مع خچداشيته الظاهرية، والمعول عليه فيها، مع علمى بمن كان عند الملك المنصور غير