بحيث إن الخبر يأتيه من مسيرة شهر فى أربعة أيام. وكان بابك يقول بتناسخ الأرواح ويستحلّ البنت وأمّها. وقد تقدّم فى العام الماضى أنّ المعتصم أعطى لمن أحضره الى بغداد ألفى ألف درهم. ولمّا أن أراد المعتصم قتل بابك المذكور أمر بعد عقوبته بقطع أربعته، فلمّا قطعت يده مسح بالدم على وجهه حتى لا يرى أحد أنّ وجهه اصفرّ خيفة من القتل، وقتل وعلّق رأسه وقطعت أعضاؤه ثم أحرق.
وفيها أيضا جهّز المعتصم الأفشين المذكور بالجيوش لغزو الروم، فتهيّأ وسافر والتقى مع طاغية الروم، فاقتتلوا أياما وثبت كلّ من الفريقين الى أن هزم الله طاغية الروم ونصر الاسلام، ولله الحمد.
وفيها أخرب المعتصم مدينة أنقرة وغيرها من بلاد الروم، وأنكى فى بلاد الروم وأوطأهم خوفا وذلّا وصغارا، وافتتح عمّوريّة بالسيف، وشتّت جمعهم وخرّب ديارهم.
وكان ملكهم توفيل بن ميخائيل بن جرجس قد نزل زبطرة «١» فى مائة ألف وأغار على ملطية «٢» وأباد المسلمين، حتى أخذ المعتصم بثأرهم وأخرب ديار الكفر.
وفيها دفع المعتصم خاتمه الى ابنه هارون للواثق وأقامه مقام نفسه، واستكتب له سليمان بن محمد بن عبد الملك بن الزيّات. وفيها فى شوّال زلزلت فرغانة، فمات تحت الهدم خمسة عشر ألفا من الناس. وفيها حجّ بالناس محمد بن داود. وفيها توفيت فاطمة النيسابوريّة الزاهدة، جاورت بمكة مدّة، وكانت تتكلم فى معانى القرآن؛ قال ذو النون المصرىّ: فاطمة وليّة الله وهى أستاذتى.