ارحم عبادك اعف عن عبادك. وفيها منع المعتصم الأفشين من الطعام والشراب حتى مات، ثم أخرج وصلب فى شعبان. والأفشين اسمه حيدر «١» بن كاوس، وهو من أولاد الأكاسرة، والأفشين لقب لمن ملك مدينة أشروسنة، وقد تقدّم ذكر وروده الى الديار المصرية وقتاله مع القيسيّة واليمانيّة، ثم قتاله بالشرق مع مازيّار وغيره؛ وذكرنا أيضا سبب القبض عليه فى حوادث سنة خمس وعشرين ومائتين، ولا حاجة الى التكرار، لأن ما ذكرناه هناك هو المعتمد والمقصود من التعريف بأحواله. وفيها توفيت عنان جارية الناطفىّ، كانت من مولّدات المدينة «٢» ، وكانت جميلة شاعرة فصيحة سريعة الجواب؛ بلغ الرشيد خبرها فاستعرضها؛ فقال مولاها: ما أبيعها إلا بمائة ألف درهم، فردّها الرشيد فتصدّق مولاها الناطفىّ بثلاثين ألف درهم. وبعد موت الناطفىّ بيعت «٣» بمائة «٤» ألف درهم وخمسين ألف درهم، وماتت بخراسان. وأخبارها وما جرياتها مع أبى نواس وغيره من الشعراء مشهورة.
وفيها توفى مازيّار، واسمه محمد بن قارن، الأمير صاحب طبرستان، كان مباينا لعبد الله ابن طاهر وكان الأفشين كذلك، فكان الأفشين يدسّ اليه ويحمله على خلاف الخليفة المعتصم، ولا زال به حتى خالف وحارب عساكر الخليفة وعبد الله بن طاهر غير مرّة؛ ووقع له أمور وأبلى المسلمين ببلايا وأباد الناس، الى أن ظفر به وأحضر بين يدى الخليفة المعتصم، فأمر به المعتصم فضرب أربعمائة وخمسين سوطا، فمات