للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبا قتيبة. وفى أيّام هرثمة هذا ورد كتاب الخليفة المتوكّل الى مصر بترك الجدال فى القرآن واتباع السنّة وعدم القول بخلق القرآن. ولله الحمد.

وسببه أنّ الواثق كان قد تاب ورجع عن القول بخلق القرآن، فأدركته المنيّة قبل إشاعة «١» ذلك وتولّى المتوكّل الخلافة. قال أبو بكر الخطيب: كان أحمد بن أبى دواد قد استولى على الواثق وحمله على التشدّد فى المحنة، ودعا الناس الى القول بخلق القرآن. وقال عبيد الله بن يحيى: حدّثنا إبراهيم بن أسباط بن السّكن قال: حمل رجل فيمن حمل مكبل بالحديد من بلاده فأدخل؛ فقال ابن أبى دواد: تقول أو أقول؟ قال: هذا أوّل جوركم، أخرجتم الناس من بلادهم، ودعوتموهم الى شىء ما قاله أحد؛ لا! بل أقول؛ قال: قل- والواثق جالس- فقال: أخبرنى عن هذا الرأى الذي دعوتم الناس اليه، أعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يدع الناس اليه، أم شئ لم يعلمه؟ قال: علمه؛ قال: فكان يسعه ألّا يدعو الناس اليه وأنتم لا يسعكم! فبهتوا. قال: فاستضحك الواثق وقام قابضا على كمّه ودخل بيتا ومدّ رجليه وهو يقول: شىء وسع النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يسكت عنه ولا يسعنا! فأمر أن يعطى الرجل ثلثمائة دينار وأن يردّ الى بلده.

وعن طاهر بن خلف قال: سمعت المهتدى بالله بن الواثق يقول: كان أبى إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا، فأتى بشيخ مخضوب مقيّد- كلّ هؤلاء يعنون بالشيخ (أحمد بن حنبل) رضى الله عنه- فقال أبى: ائذنوا لابن أبى دواد وأصحابه؛ وأدخل الشيخ فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين؛ فقال: لا سلّم الله عليك؛ فقال الشيخ: بئس ما أدّبك مؤدّبك، قال الله: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها.