للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغارت عيون مكّة. وفيها أمر المتوكّل ببناء مدينة الماحوزة «١» ، وسمّاها الجعفرىّ «٢» ، وأقطع الأمراء آساسها؛ وبعد هذا أنفق عليها أكثر من ألفى ألف دينار، وبنى بها قصرا سمّاه اللؤلؤة لم ير مثله فى علوّه وارتفاعه؛ وحفر للماحوزة نهرا كان يعمل فيه اثنا عشر ألف رجل، فقتل المتوكّل وهم يعملون فيه، فبطل عمله، وخربت الماحوزة ونقض القصر. وفيها أغارت الروم على مدينة سميساط، فقتلوا نحو خمسمائة وسبوا؛ فغزاهم علىّ بن يحيى، فلم يظفر بهم.

وفيها توفى ذو النّون المصرىّ الزاهد العابد المشهور، واسمه ثوبان بن ابراهيم، ويقال: الفيض بن أحمد «٣» أبو الفيض، ويقال: الفيّاض الإخميمى؛ كان إماما زاهدا عابدا فاضلا، روى عن الامام مالك واللّيث بن سعد وابن لهيعة والفضيل بن عياض وسفيان بن عيينة وغيرهم؛ وروى عنه أحمد بن صبيح الفيومىّ وربيعة بن محمد الطائىّ والجنيد بن محمد وغيرهم؛ وكان أبوه نوبيّا. وذو النون هو أوّل من تكلّم ببلده فى ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية، فأنكر عليه عبد الله بن عبد الحكم، ووقع له بسبب ذلك أمور يلزم من ذكرها الإطالة فى ترجمته؛ وليس لذلك هنا محلّ. وقال يوسف بن الحسين: سمعت ذا النون يقول: مهما تصوّر فى فهمك فالله بخلاف ذلك. وقال: سمعت ذا النون يقول: الاستغفار اسم جامع لمعان كثيرة