المحنة، وتكلّم بالسّنّة فى مجلسه؛ حتى قال إبراهيم بن محمد التّيمىّ قاضى البصرة: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصدّيق يوم الرّدّة، وعمر بن عبد العزيز فى ردّ مظالم بنى أميّة، والمتوكّل فى محو البدع وإظهار السنّة. وكان المتوكّل فاضلا فصيحا؛ قال علىّ بن الجهم: كان المتوكّل مشغوفا بقبيحة (يعنى أمّ ولده المعتزّ) لا يصبر عنها، فوقفت له يوما وقد كتبت على خدّيها بالمسك جعفرا؛ فتأمّلها ثم أنشد «١» يقول:
وكاتبة فى الخدّ بالمسك جعفرا ... بنفسى مخطّ «٢» المسك من حيث أثرا
لئن أودعت سطرا من المسك خدّها ... لقد أودعت قلبى من الحبّ أسطرا
وكان المتوكّل كريما، قيل: ما أعطى خليفة شاعرا ما أعطاه المتوكّل. وفيه يقول مروان بن «٣» أبى الجنوب:
فأمسك ندى كفّيك عنّى ولا تزد ... فقد خفت أن أطغى وأن أتجبّرا
ويقال: إنه سلّم على المتوكّل بالخلافة ثمانية كلّ منهم أبوه خليفة، وهم: منصور ابن المهدىّ، والعباس بن الهادى، وأبو أحمد بن الرشيد، وعبد الله بن الأمين، وموسى ابن المأمون، وأحمد بن المعتصم، ومحمد بن الواثق، وابنه المنتصر محمد بن المتوكّل. وفيها قتل الفتح بن خاقان وزير المتوكّل، قتل معه على فراشه، كان أبوه خاقان معظّما عند المعتصم، وكان من أولاد الأتراك؛ فضمّ المعتصم الفتح هذا الى ابنه المتوكّل فنشأ معا، فلما تخلّف المتوكّل استوزره؛ وكان أهلا لذلك: كان أديبا فاضلا جوادا ممدّحا