خراسان، وسار من سجستان ونزل هراة وفرّق فى جنده الأموال. وفيها بويع المستعين بالخلافة بعد موت ابن عمّه «١» محمد المنتصر الآتى ذكره. وعقد المستعين لمحمد بن عبد الله ابن طاهر على العراق والحرمين والشّرطة. وفيها حبس المستعين بالله ولدى «٢» عمّه «٣» المتوكل وهما المؤيّد إبراهيم والمعتزّ الزبير، وضيّق عليهما واشترى أكثر أملاكهما كرها، وجعل لهما فى السنة نحو ثلاثة وعشرين ألف دينار. وفيها أخرج أهل حمص عاملهم؛ فراسلهم وخادعهم حتى دخلها، فقتل منهم طائفة وحمل من أعيانهم مائة الى العراق ثم هدم سور حمص. وفيها عقد الخليفة المستعين لأتامش على مصر والمغرب مع الوزارة، وفرّق المستعين فى الجند ألفى ألف دينار. وفيها غزا وصيف التركىّ الصائفة. وفيها نفى المستعين عبيد الله بن يحيى بن خاقان الى برقة.
وفيها مات بغا الكبير التركىّ المعتصمىّ أحد أكابر الأمراء فى جمادى الآخرة من السنة، فعقد المستعين لابنه موسى بن بغا على أعمال أبيه. وكان بغا يعرف بالشّرابىّ، مات وقد جاوز التسعين سنة، وباشر من الحروب ما لم يباشره غيره، ولم يلبس سلاحا ولا جرح قط؛ فقيل له فى ذلك، فقال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى المنام، فقلت: يا رسول الله ادع لى؛ فقال: لا بأس عليك أحسنت إلى رجل من أهل بيتى فعليك من الله واقية.
وفيها توفّى الخليفة أمير المؤمنين المنتصر بالله محمد ابن الخليفة المتوكّل على الله جعفر الهاشمىّ العباسىّ؛ بقيّة نسبه تقدّمت فى ترجمة أبيه جعفر المتوكّل فى الخالية. بويع بالخلافة يوم قتل أبيه فى يوم الخميس خامس شوّال سنة سبع وأربعين ومائتين، فلم تطل أيّامه ومات بعد أبيه بستة أشهر فى شهر ربيع الأوّل بالخوانيق «٤» . قيل: إن المنتصر