فى هذه السنة بمصر وقراها. وفيها ظهرت القرامطة «١» بسواد الكوفة، وقد اختلفوا فيهم وفي مبتدأ أمرهم على أقوال نذكر منها نبذة لما سيأتى من ذكر القرامطة واستيلائهم على البلاد وقتلهم للعباد، فأحد الأقوال: أن رجلا قدم من ناحية خوزستان إلى سواد الكوفة وأظهر الزهد والتقشّف، وكان يسفّ «٢» الخوص ويأكل من كسبه، ولا زال يظهر التديّن والزهد إلى أن مال إليه الناس فدرّجهم من شىء إلى شىء حتى صاروا معه حيث شاء، وقيل غير ذلك أقوال كثيرة؛ وهم من الذين أكثروا في الأرض الفساد وأخربوا البلاد. وفيها غزا يا زمان الخادم الصائفة فبلغ حصنا يقال له سلند «٣» فنصب عليه المجانيق، وأشرف على فتحه فجاءه حجر من الحصن فقتله، فارتحلوا به وفيه رمق فمات في الطريق في رجب، فحمل على الأكتاف الى طرسوس فدفن بها، وكان شجاعا جوادا رضى الله عنه. وفيها توفى «٤» ديك الجنّ الشاعر المشهور واسمه عبد السلام ابن رغبان بن عبد السلام، وسمّى ديك الجن لأن عينيه كانتا خضراوين، وكان قبيح المنظر [وكان شاعرا «٥» ] فصيحا، عاصر أبا تمّام الطائىّ، وكان أبو تمام يعترف له بالفضل، وهو من شعراء الدولة العباسيّة، وكان يتشيّع، وكان له غلام كالبدر وجارية أحسن منه، وكان يهواهما جميعا، فدخل يوما منزله فوجدهما متعانقين والجارية تقبّل الغلام، فشدّ عليهما فقتلهما ثم رثاهما بعد ذلك وحزن عليهما حزنا شديدا، وتنغّص عيشه